تم النشر اليوم 2024/07/01 | التعريف بفن الخطابة .. 7 ملامح تاريخية عن هذا اللون والفن اللغوي

اليونان والرومان ونقلة نوعية في فن الخطابة

تعد الحضارة اليونانية هي أولى الحضارات التي تطوّر فيها فن الخطابة بشكل كبير، حيث اهتم اليونانيون بالخطابة، وذلك من خلال الفلاسفة مثل أرسطو والذي كان زعيماً للفلاسفة اليونان وخطيبهم المفوه، وقد تطوّر فن الخطابة في العصر اليوناني إلى 3 أقسام وهي القضائية والاستشارية والاستدلالية.
وقد تحسنت الخطابة في عهد الحضارة اليونانية، وانتقلت بنفس التقسيمات والقوة للعصر الروماني، والذي استغل الخطابة أحسن استغلال وتطورت، حيث ظهر العديد من الخطباء والسياسيين الذين كانوا لديهم الفضل الكبير في تطوّر فن الخطابة، والقيام باستخدامها في التأثير في الجماهير والجنود في الحروب المختلفة.
ومن أشهر الخطباء في عهد الرومان على سبيل المثال؛ كان يوليوس قيصر والذي استغل تفوقه في الخطابة ووصل لأعلى المناصب وهو حاكم الدولة، وظهر خطباء مثل شيشرون الذي كان يعد إمام الخطابة اللاتينية.
وقد تطورت الخطابة شيئاً فشيئاً في العصر المسيحي الذي هيمن على تاريخ الدولة الرومانية بداية من القرن الرابع الميلادي، حيث استخدم الأساقفة والقساوسة فن الخطاب في إلهاب حماس المسيحيين في الدولة الرومانية، وإيصال الأفكار المسيحية إلى الأذهان والقلوب، وذلك أدى إلى التبشير بدين المسيح عليه السلام في أرجاء الإمبراطورية، وأصبح مهيمناً على الجميع.

التعريف بفن الخطابة

فن الخطابة هو علم البيان واللغة والبلاغة والاستعارات المكنية والتعبيرات والأسلوب القوي من خلال اختيار وانتقاء الجمل المؤثرة في الغير، وفن الخطابة له العديد من الأغراض والأهداف منها التأثير في الجماهير، وإدهاشهم بالكلام وغيرها من الأهداف المختلفة، في هذا المقال نتحدث عن التعريف بفن الخطابة، حيث نتحدث عن الملامح التاريخية لهذا الفن اللغوي الهام، والذي كان له تأثير كبير لدى الشعوب والحضارات المختلفة، فهيا بنا نتعرف أكثر عن هذا الفن اللغوي الهام.

تاريخ الخطابة كوسيلة تعبير لغوية هامة للإنسان

الخطابة وسيلة من وسائل التعبير المختلفة التي يستخدمها الإنسان في حياته منذ القدم، فإن الاستعداد الفطري للإنسان في حياته منذ القدم كان الاستعداد للخطابة والتاثير في غيره من خلال التعبير عن رأيه وإقناع الآخرين به، وقد استخدم الإنسان الخطابة واللغة.

ويبدأ تاريخ الخطابة مع الإنسان في كافة الحضارات القديمة، فقد اخترع الآشوريين الكتابة، وكذلك المصريون القدماء الذين اخترعوا اللغة الهيروغليفية، وبدأت هذه الحضارات تعتمد على الكتابة وعلى الخطابة من أجل التأثير في الشعوب، وإيصال الفكرة والإقناع بها، ولكن فن الخطابة بمفهومه السابق تطوّر بعد ذلك وشمل ألوان متعددة خاصة عندما نرى أن السياسيون والحكام استغلوا هذا اللون اللغوي في توصيل ما يجول في خاطرهم ومن أجل السيطرة والهيمنة على الجماهير، كذلك استخدم أنبياء الله عز وجل الخطابة في إيصال دعوتهم غلى أقوامهم، وهذا ما بيّنه القرآن الكريم، حيث كانت الخطابة جزء من من خطابهم الدعوي المستمر نحو أوامر الله تعالى والبعد عن نواهيه.

صفات الخطباء.. صفات هامة يجب أن تكون في كل خطيب ويلتزم بها

الخطيب هو الشخص الذي يلقي الخطبة على مسامع الجماهير، له صفات يجب أن تكون فيه، لكي تكون الخطبة قوية ذات أسلوب قوي يؤثر في الجماهير، فمن صفاته على سبيل المثال، أن يكون واسع الإطلاع والمعرفة بالدين والدنيا والجوانب الحياتية المختلفة.
كما يجب أن يكون طليق اللسان، بليغ الألفاظ، قادراً على إثارة الحماس والمشاعر، والهيئة الحسنة في الملبس والمنظر، والصوت الحسن المريح المقبول لجميع السامعين، والجرأة في الكلام وعدم الخجل وضعف القلب والذكاء والفطنة والعقل السليم.
يجب أيضاً أن يكون الخطيب سريع البديهة، قادراً على المجاراة في الحديث مخلصاً في عمله مستقيماً في منطقه ومواضيع الحديث بالنسبة للخطبة.
في هذا المقال؛ تحدثنا على العديد من الأمور والجوانب الهامة التي تخص الخطابة وفن الخطابة وتاريخها وخصائص وآداب الخطيب والخطبة وغيرها من هذه الجوانب، فمتى آخر خطبة استمعت لها وشعرت أنها مفيدة لك، وما هي موضوعها؟

ما هو فن الخطابة؟

فن الخطابة من الألوان اللغوية والشعرية الأهم في تاريخ لغة الإنسان، فهي نوع من أنواع المحادثات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالجمهور التي يسمعها الجماهير ويتأثرون بها.
ومن أقدم التعريفات التي قيلت في الخطابة، تعريف أرسطو الخاصة بالخطابة بأنها قوة تنطوي على إقناع الناس باللغة وارتباطهم بكافة الأمور بكافة الأساسيات المخاطبة والمشافهة وتقديم الادلة والبراهين التي تثبت أقوال الخطيب عن كافة المواضيع التي يختارها.

الإسلام وفن الخطابة .. كيف أثر الإسلام فيه

استخدم المسلمون فن الخطابة من خلال النصوص القرآنية، ونصوص الحديث الشريف، وذلك لإيصال الدين الصحيح للبشرية، فقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فن الخطابة في دعوته للإسلام، وذلك من أجل إيصال المعاني المختلفة للمسلمين.
والخطبة شيء أساسي في حياة المسلمين، ففي العيدين سواء عيد الفطر أو عيد الاضحى الخطبة اساسية في صلاة العيد، كذلك الخطبة الأسبوعية في صلاة الجمعة، حيث يجتمع المسلمون في الصلاة من كل يوم جمعة ويستمعون للخطبة التي يقولها الخطيب عن كافة المعاني الذي يريد إيصالها، لذلك فإن فن الخطابة تطوّر في الإسلام بشكل لا يوصف بحيث أصبح شيئاً أساسياً في دين الإسلام.

ولقد تعددت الخطبة في الإسلام، حيث حوى فن الخطابة مواضيع شتى، مثل الحديث عن النصوص الدينية الهامة والتي تهم كل مسلم، واستخدمها المسلمون على مدار تاريخهم الطويل في تحميس الجنود والمسلمين في الدفاع عن دينهم وقضاياهم المشتركة، وتتميز بلغة فصيحة استدلالية، حيث تكون الخطبة في الإسلام مليئة بالآيات القرآنية الكريمة ونصوص الحديث الشريف وأقوال العلماء والاجتهادات الفقهية الهامة التي تساعد المسلم على فهم دينه.
ومن أشهر خطباء الإسلام خاصة في العصور الاولى للتاريخ الإسلامي العديد من الخلفاء الراشدين مثل أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي خطب في الأمة الإسلامية خطبته الشهيرة عند توليته الحكم، هذا إلى جانب عمر بن الخطاب الذي كان مفوهاً عظيماً وكذلك عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
وقد العديد من الخطباء في عهد التابعين بعد الصحابة الكرام، حيث اشتهرت عدد من الشخصيات بقوة اسلوبهم واستخدامهم الخطابة لأغراض متعددة مثل زياد بن أبيه، وكذلك الحجاج بن يوسف الثقفي وأبي حمزة الشاري وغيرهم الكثير في الشرق والغرب على مدار تاريخ المسلمين.

العرب والخطابة .. العصر الجاهلي وخصائصه اللغوية

اللغة العربية من أهم اللغات وأغناها على الإطلاق، ولغة بهذه الخصائص الغنية، لابد أن يكون للخطابة نصيب منها، وهذا ما نراه في تاريخ العرب خاصة في العصر الجاهلي الذي اعتمد اعتماداً هاماً على الشعر والخطابة، فقد اشتهرت القبائل العربية باستخدام الخطابة في المفاخرة والدفاع عن مثالبها وصفاتها، وكانت الخطابة عبارة عن مبارزة من نوع خاص بين القبائل العربية وبعضها البعض، وكذلك الشعر، فقد استخدموا الخطابة في الدفاع عن أنفسهم والمفاخرة فيما بينهم، وكان لكل قبيلة شاعر مجيد وخطيب مفوه يقوم باختيار المواضيع والدفاع عن القبيلة في كل مناسبة، وإثارة مشاعر الجميع في حالة الحرب والنزال والمعارك.

وقد كانت مكة وهي أشهر المدن العربية في شبه الجزيرة العربية وأهمها تحوي أسواق هامة مثل سوق ذي المجاز وعكاظ، يتبارز فيها الشعراء والخطباء في توصيل ما يرون ويدافعون عن قبائلهم، وهذا يدل على أهمية الخطابة في العصر الجاهلي، وارتفعت منزلة الخطابة حتى صارت جزء من حياة العربي لا تنفك عنه أبداً، ولعل هذا هو السبب في نزول القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة القوية والأسلوب اللغوي الذي لا مثيل له، لأنه يخاطب أمة كانت الخطابة جزء من حياتها، لذلك كان القرآن ومازال في الحقيقة من أكثر الكتب التي تحتوي على أسلوب خطابي لا مثيل له يؤثر في النفوس والعقول.

الخطابة لها أنواع متعددة .. تعرف عليها

هناك العديد من أنواع الخطابة، فهناك مواضيع متعددة مثل الخطب الدينية وهي تلك الخطب التي يقوم رجال الدين والعلماء والفقهاء بقولها عند المناسبات الدينية المختلفة مثل خطبة الجمعة وخطب العيدين الفطر والأضحى.
وكذلك الخطب القضائية، وتلك هي الخطب مثل المرافعات المختلفة ودفع الاتهامات والادعاءات وغيرها، والخطب الجدلية، وهي الخطب التي تشتمل على التفاخر والتنافر والخطب العسكرية، تلك التي يلقيها القادة في الجيوش إلهاب حماس الجند، والخطب العلمية، تلك الخطب التي تشتمل على الأمور العلمية وكافة المناظرات في العديد من المجالات العلمية المختلفة، وأيضاً الخطب السياسية، وتلك التي يلقيها الخطباء من الأحزاب والقادة السياسيون وغيرها.