الفرق بين الرؤيا الصادقة والكاذبة وعلامات الرؤيا الصادقة

يتفق مفسرو الأحلام وأهل العلم والفقهاء أن الرؤيا على نوعين، أما الأولى فهي الرؤيا الصادقة التي تكون من الله وهي رؤيا الحقّ، وأما الثانية فهي أضغاث الأحلام أو الرؤيا الكاذبة التي تكون من الشيطان ومن الخيال والعقل الباطن وهي الرؤيا الباطلة، وذلك استناداً إلى حديث الرسول ﷺ “الرؤيا من الله، والحُلْمُ من الشَّيطان”.
فما هي علامات الرؤيا الصادقة؟ وما هو الفرق بين الرؤيا الصادقة والكاذبة؟ وما معنى الرؤيا الصادقة جزء من النبوة؟ وما هي آداب الرؤيا الصادقة وآداب النوم المتعلقة بالرؤيا الصادقة؟ ثم ما هي شروط الرؤيا الصادقة وأسبابها؟ نحاول أن نجيب عن هذه الأسئلة في هذا المقال سائلين الله التوفيق والمغفرة وحُسنَ الختام.

ما هي الرؤيا الصادقة؟

تعريف الرؤيا الصادقة والرؤيا الصالحة أنّها ما يراه الإنسان في نومه ويكون من الله تعالى، فيه بشارة أو نذير أو زجر وتنبيه، ويقول ابن سيرين أن الرؤيا الصادقة ليست محصورةً بالمؤمن، بل أن الكافر والفاسق قد يرون الرؤيا الصادقة في نومهم، وذلك أن من الرؤى ما يكون فيه زجرٌ وتحذير ودعوة للتوبة. والدليل على ذلك رؤى ملوك مصر في زمن موسى ويوسف عليهما السلام، على سبيل المثال لا الحصر. [1]
وجاء في الحديث الشريف أن الرسول ﷺ قال: "الرؤيا ثلاث؛ الرؤيا الصّالحة بشرى من اللهِ عَزَّ وجلَّ، ورؤيا المسلم الذي يحدّثُ به نفسه، ورؤيا تحزين مِنَ الشَّيطان".
وقد فسّر الإمام الصادق الرؤيا الصادقة الصالحة بقوله "إن المؤمن إذا نامَ خرجتْ مِن روحهِ حركةٌ ممدودة إلى السَّماء" فكل ما تراه روح المؤمن في ملكوت السماء هو حقّ، وكل ما تراه في الأرض أضغاث أحلام. [2]

ومن الجدير بالذكر أن الرؤى كانت محطّ اهتمام الناس على مرِّ العصور، والدليل على ذلك أن ملك مصر في زمن سيدنا يوسف جمع المعبرين ليعرف الرسالة التي جاءته في المنام، وكذلك آمن فرعون أن ما رآه في المنام كان نذيراً بغلام ينهي ملكه، فراح يقتل الذكور من المواليد، أضف إلى ذلك ما ذكره القرآن الكريم من رؤى إبراهيم ويوسف عليهما السلام، أي أن الرؤيا الصادقة ليست حادثة بحدوث الإسلام ونشأته، وإنّما هي -من وجهة نظر فقهية- وسيلة لإيصال كلام الله للعبد، ويقول القادري في كتاب تعبير الرؤيا أن آدم عليه السلام أول من رأى الرؤيا في المنام، إذ رأى حواء في نومه، ولمّا أفاق وجدها كما رآها، والله تعالى أجلّ وأعلم. [3]
اقرأ أيضاً مقالنا عن مبادئ تعبير الرؤى وتفسير الأحلام من خلال النقر على هذا الرابط.

الفرق بين الرؤيا الصادقة والكاذبة وأضغاث الأحلام

الفرق بين الرؤيا الصادقة والكاذبة أن الرؤيا الصادقة من الله، والكاذبة من الشيطان أو من حديث النفس، وفي مراجعة ما ذكره كبار علماء تفسير الأحلام حول أنواع الرؤى يمكن تحديد الفروق بين الرؤيا الصادقة والكاذبة على الشكل التالي:

الحكمة من الرؤى الصادقة والكاذبة

حدَّثنا الإمام الصَّادق عن الحكمة من وجود الرؤى الصادقة والرؤى الكاذبة، وذلك في خطابه إلى تلميذه توحيد المفضل، فيقول الإمام الصادق ما نصّه:
"فكِّر يا مفضل في الأحلام كيف دُبّر الأمر فيها، فخرج صادقها بكاذبها، فإنّها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلّهم أنبياء، ولو كانت كلها تكذب لم يكن فيها منفعة، بل كانت فضلاً لا معنى له؛ فصارت تصدق أحياناً فينتفع بها الناس في مصلحة يُهتدى إليها أو مضرّة يتحذر منها، وتكذب كثيراً لئلا يُعتَمدَ عليها كل الاعتماد!".

أصحاب الرؤى الصادقة ومعنى الرؤيا الصادقة جزء من النبوَّة

ورد في الحديث الشريف قوله ﷺ "الرُّؤيا الحسنةُ من الرَّجلِ الصَّالحِ جزءٌ من ستَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوَّةِ" رواه أنس بن مالك وجاء في صحيح ابن ماجة، وجاء عند غيره "جُزءٌ مِنْ سَبعين".
وقوله ﷺ "إذَا اقتَربَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الُمؤْمن تَكذبُ، وَرُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ منْ ستَّةٍ وَأرْبَعيَنَ جُزْءًا مِنَ النُبُوةِ" رواه أبو هريرة وجاء في صحيح البخاري.

وقال أبو سعيد الواعظ في تفسيره "الرؤيا الصالحة جزء من النبوة" كما نقل عنه ابن سيرين في منتخب الكلام؛ أن من الأنبياء عليهم السلام مَنْ جاءهم الوحي في الرؤيا، وأما من جاءهم الوحي في اليقظة ورأوا ملك الوحي عليه السلام فهم الرُّسل، وهذا من الفروق الجوهرية بين النبي والرَّسول، أن النبي يوحى إليه بالرؤيا، وأما من كان الوحي له على لسان الملك في اليقظة فهو رسول، ولذلك فالرؤيا الصالحة الصادقة كانت جزءاً من أجزاء النبوة. [4]
وفُسِّر قول الرسول محمد ﷺ "رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ منْ ستَّةٍ وَأرْبَعيَنَ جُزْءًا مِنَ النُبُوةِ" أن الوحي كان يأتيه ﷺ في الرؤيا قبل أن يأتيه في اليقظة، وذلك لمدّةٍ تساوي جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من حياة الرسول ﷺ بعد الوحي. [3]

وهذا لا يعني بشكلٍ من الأشكال أن أصحاب الرؤى الصادقة والصالحة في يومنا هذا أنبياء أو بمرتبة الأنبياء! وذلك أنّ محمداً ﷺ خاتم الأنبياء والرسل ولا نبوة بعده، ولقوله ﷺ " لا يَبْقى بَعدي منَ النُّبوةِ شيءٌ إلَّا المُبشِّراتُ".
بل أن تفسير بقاء المبشرات دون النبوة جاء صريحاً في حديث الرسول ﷺ عن أنس ابن مالك رضي الله عنه: "إِنّ الرّسَالَةَ وَالنّبُوّةَ قَدْ انْقَطَعَتْ فَلاَ رَسولَ بَعْدِي وَلاَ نَبيّ‏.‏ قَالَ فَشَقّ ذَلِكَ عَلَى النّاسِ فَقَالَ‏:‏ لَكِنْ المُبَشّرَاتِ‏.‏ فَقَالُوا يَا رَسُولَ الله وَمَا المُبَشّرَاتُ، قَالَ رُؤْيَا المُسْلِمِ وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النّبُوّةِ‏".

خلاصة القول؛ أن الرؤيا الصادقة الصالحة للرجل المؤمن جزء من أجزاء النبوَّة في وجهين، الأول أنّ الأنبياء أوحي إليهم من خلال الرؤى الصالحة الصادقة، والثاني أن الرسول محمد ﷺ أشار إلى الرؤى كآخر ما يبقى من النبوَّة، لكن هذا لا يعني بشكلٍ مِن الأشكال أن أصحاب الرؤى الصادقة الصالحة بمقام النبوَّة، لأن في ذلك مخالفة لجوهر الإسلام، ولمبدأ الرسالة الخاتمة.
وحسبنا أن الرسول ﷺ قد ذكر أجزاء أخرى من أجزاء النبوة هي سجايا وخصال محمودة وجديرة بالاتباع، وذلك في الحديث الذي رواه عبد الله بن سرجس في سنن الترمذي "السَّمْتُ الحَسَنُ والتُّؤَدَةُ والاقتصادُ جزءٌ من أربعةٍ وعشرينَ جُزءًا من النبوةِ".

علامات الرؤيا الصادقة والصالحة

"كيف أعرف الرؤيا الصادقة من الرؤيا الكاذبة؟"
لا نعلم نصاً صريحاً للتمييز بين الرؤيا الصادقة والرؤيا الكاذبة، وإنّما اجتهادات في تأويل الأحاديث التي وردت عن الرؤيا، وفي هذه الاجتهادات خلاف بين أهل العلم على بعض علامات الرؤيا الصادقة واتفاقٌ على بعضها:

شروط وأسباب الرؤيا الصادقة "كيف أرى رؤيا صادقة؟"

فيديو حكم الكذب في الرؤيا مع الإعلامية ياسمين الكيلاني

لإخبار الرؤيا أصول أيضاً، أوّلها أن يلجأ الرائي لأهل العلم والمعرفة، وألّا يقصّ رؤياه على حاسد أو كاره أو جاهل، وعندما كانت الرؤيا رسالة من السماء؛ فإن الكذب في الرؤيا والتحلّم إثمٌ كبير، قد يستخفّ به البعض أو يعتقد أن الكذب في الرؤيا للإصلاح مباح، وهو ليس كذلك.
وفي هذه الحلقة من برنامج "أحلام سعيدة" مع الإعلامية ياسمين الكيلاني تتحدث عن حكم الكذب في الرؤيا للإصلاح أو للمصلحة أو لغير ذلك، شاهد الفيديو من خلال النقر على علامة التشغيل أو من خلال الانتقال إلى هذا الرابط:

Exit mobile version