صفات الشخصية الوسواسية والفرق بينها وبين الوسواس القهري

ربما كل منا مر بحياته شخص يعاني من تصرفات وسلوكيات وتوقعات قهرية لا يمكنه الكف عنها أو السيطرة عليها، وربما تكون لدينا إحدى هذه السلوكيات، فظروف الحياة أو التجارب النفسية والعاطفية قد تسبب هذا النوع من السلوك الخارج عن السيطرة والتحكم، وهذا ما يطلق عليه الشخصية الوسواسية القهرية، فما هو اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية، وما الفرق بينه وبين اضطراب الوسواس القهري؟ هذا ما سوف نتعرف عليه في المقال التالي.

ما هي الشخصية الوسواسية القهرية؟

الشخصية الوسواسية القهرية (Obsessive-Compulsive Personality Disorder) هي شخصية تعاني من نمط سلوكي صارم ومتحكّم يتسم بالسعي للكمالية أو الانضباط المبالغ به في بعض الأمور، حيث يصعب على الفرد التحكم ببعض تصرفاته وأفكاره أو السيطرة عليها، وعادة ما يتمتع الفرد المصاب بالاضطراب بالكفاءة والانضباط الشديد في عمله وحياته اليومية، ويميل للإصرار على الاضطلاع بمسؤوليات كثيرة وإتمام المهام بطريقة دقيقة ومتقنة، ويرغب دائماً أن يتأكد أن كل شيء يسير حسب ما يريد بنفسه وتجده دائم الارتباك وغير واثق من أفعاله.

تتضمن أعراض الشخصية الوسواسية التحكم الشديد والمحافظة على النظام والترتيب ومراقبة التفاصيل الدقيقة، والتأكد المتكرر والمفرط من الأمور والقلق الشديد بشأن الأخطاء المحتملة، والتركيز الشديد على العمل والإنتاجية بشكل مفرط، والحاجة الملحة للتحكم في الآخرين والأمور التي تحدث حوله، كما يمكن أن يعاني الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية من عدم القدرة على التفريط بالأشياء أو درجة من هوس الاكتناز القهري.

صفات الشخصية الوسواسية وأعراضها

أسباب اضطراب الشخصية الوسواسية

يعتقد الخبراء أن السبب في اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية هو حالة مرضية عصبية، ففي الحالة الطبيعية ترسل الدوائر العصبية المسؤولة عند التأكد من القيام بشيء معين إشارات معينة تتوقف بالتأكد من إتمام العمل أو المهمة أو نهاية الأمر، ولكن في حالة اضطراب الشخصية الوسواسية لا تصل للدماغ الإشارات العصبية التي تؤكد علاج المشكلة، وبالتالي يحتاج صاحب الاضطراب للتأكد مرات عديدة من ذلك، ينتج هذا عن انغلاق الدوائر العصبية عند فكرة معينة وفرض ذلك أفكار وسيناريوهات سلبية كثيرة وغير متناهية إذا لم يتأكد الشخص من سير الأمور على ما يرام.

لا يوجد ما يكفي من الأدلة حول أسباب اضطراب الشخصية الوسواسية، حيث تلعب العوامل الوراثية دوراً مهماً في انتقال الاضطراب كما تؤثر العوامل البيئية وتجارب الحياة المبكرة وخاصة في الطفولة على تطوّر هذه السلوكيات، ويمكن لهذا الاضطراب أن يسبب مشاكل في العلاقات الاجتماعية والعملية، حيث يمكن أن يؤدي التركيز الزائد على التفاصيل والأمور الدقيقة إلى تأخير العمل أو إلى تجاهل الأولويات الأساسية، وقد يؤدي إلى الإصابة بالتوتر والقلق والاكتئاب.

ما هو الفرق بين الشخصية الوسواسية والوسواس القهري؟

قد يحدث خلط بين اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية واضطراب بالوسواس القهري، والحقيقة أنه يوجد بعض نقاط التشابه السلوكية لكن هناك أيضاً نقاط اختلاف مهمة:

الصحة النفسية لدى الشخصية الوسواسية القهرية

تعاني الشخصية الوسواسية القهرية من مشاكل صحة نفسية تتعلق بالأفكار والتصرفات المتكررة والمضطربة التي يصعب التحكم بها، وقد تؤثر هذه المشاكل على الحياة اليومية للفرد وعلى العلاقات الاجتماعية والعملية، وقد تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر، ومن هذه المشاكل:

علاج الشخصية القهرية الوسواسية

يوجد عدة خيارات لعلاج الشخصية الوسواسية القهرية، بما في ذلك العلاج النفسي والأدوية، ويعتمد العلاج المناسب على حالة الفرد وشدة الأعراض التي يعاني منها، وفيما يلي بعض الخيارات الشائعة لعلاج الشخصية الوسواسية القهرية:

  1. العلاج النفسي: يمكن استخدام العلاج النفسي لعلاج الشخصية الوسواسية القهرية، ويشمل ذلك عادة العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج الإدراكي السلوكي (ACT) يركز العلاج السلوكي المعرفي على تغيير الأفكار والتصرفات السلبية، بينما يركز العلاج الإدراكي السلوكي على تحسين الوعي والتركيز على الحاضر، ويمكن للعلاج النفسي أن يساعد الفرد على فهم والتحكم في الوسواس والتكرار، وتحسين العلاقات الاجتماعية والعملية، كما يمكن للعلاج النفسي أن يستغل الاضطراب نفسه في العلاج من خلال وضع القدرات والخصائص الإيجابية لدى صاحب الشخصية القهرية مثل التأكد والصرامة والإصرار في مسار علاجي.
  2. العلاج الدوائي: تستخدم الأدوية في حالات معينة بما في ذلك الأدوية المضادة للاكتئاب مثل السيروتونين الانتقائي لإعادة امتصاص السيروتونين SSRI)) ومثبطات إعادة امتصاص النورأدرينالين (NRI)، ويمكن استخدام بعض الأدوية المضادة للاكتئاب للمساعدة في تخفيف الأعراض النفسية، ويمكن أن تستغرق هذه الأدوية بعض الوقت للعمل بشكل كامل، ويجب استشارة الطبيب قبل استخدام أي أدوية.
  3. تقنيات الاسترخاء: تفيد تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتدريب على التنفس المتعمد وتدريب العضلات التأليفية المتعمدة في المساعدة على تخفيف القلق والتوتر وتحسين الشعور بالاسترخاء والهدوء.
  4. الدعم الاجتماعي: يساعد الدعم الاجتماعي من الأسرة والأصدقاء والمجتمع على تحسين الصحة النفسية للفرد وتقليل الشعور بالعزلة والانطواء، وبالتالي تقليل حالات الرغبة بالتحكم بكل شيء والتأكد مرات متعددة، فهو يبني ثقة بينه وبين الآخرين ويصبح أكثر قدرة على الاعتماد عليهم.
  5. العلاج بالعيادات السلوكية: يقوم هذا العلاج على تعريض الفرد للمواقف المحفزة للوسواس والتكرار بشكل تدريجي، مع تدريبه على تقنيات التحكم في الوسواس والتكرار.
Exit mobile version