نشأة وتطور الذكاء الصناعي ومستقبل تقنياته

كل يوم نسمع عن أحد الاختراعات والتطبيقات الجديدة التي تعتمد في أسلوب عملها على تقنيات الذكاء الصناعي، حتى أصبح الذكاء الاصطناعي الذي كان خيال منذ سنوات واقع نعشيه اليوم، وبل وتحول لرؤية شاملة لحياة المستقبل، فكيف بدأ الذكاء الصناعي، وكيف تطور، وما هو تاريخه ومستقبله؟ هذا ما سوف نتعرف عليه في المقال التالي.

تعريف الذكاء الصناعي

التعريف البسيط للذكاء الصناعي أو الاصطناعي (بالإنجليزية: Artificial Intelligence) أنه مجموعة من التقنيات الحاسوبية التي تعمل وظائف متقدمة تتطلب تاريخياً ذكاء البشر! فالذكاء الصناعي يعتمد على أنماط برمجية خاصّة تجعل الحاسوب قادراً على محاكاة العقل البشري بالتعرف على البيانات وتحليلها وتقديم نتائج مركّبة ومميزة.

عند سؤال الذكاء الصناعي عن نفسه بواسطة ChatGPT عرًف نفسه كمجالٍ في علوم الحاسوب يركّز على تطوير أنظمة وبرامج قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً ذكاءً بشرياً! أهمها القدرة على التعلّم والاستدلال والتفاعل الصوتي والنصي، وتوليد البيانات مثل الصور والصوت والفيديو، وصنّف الذكاء الصناعي في ثلاثة أنواع رئيسية:

  1. الذكاء الصناعي المحدود الذي يقوم بأعمال محدودة مثل الترجمة ومعالجة الصور.
  2. الذكاء الصناعي العام القادر على أداء أي مهمة ذهنية كان الإنسان يستطيع الإنسان القيام بها، وهو ما زال قيد التطوير.
  3. الذكاء الصناعي الخارق أو الفائق وهو وصول برمجيات الذكاء الاصطناعي مستقبلاً إلى مرحلة تتفوق عندها على جميع قدرات الإنسان الذهنية في جميع المجالات!

نشأة الذكاء الصناعي

يعود تاريخ الذكاء الصناعي إلى العقود الأولى من القرن العشرين، حيث بدأ الباحثون بدراسة إمكانية إنشاء آلات قادرة على التفكير وحل المشاكل بطريقة مشابهة للإنسان، وفي عام 1956 اجتمع مجموعة من العلماء في ورشة عمل في دارتموث، والتي تعتبر البداية الرسمية للذكاء الاصطناعي كمجال دراسي مستقل.

خلال العقود اللاحقة تطورت تقنيات الحوسبة بشكل كبير، مما أتاح استخدام الحوسبة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتركز البحوث في الذكاء الاصطناعي على تطوير نماذج قادرة على محاكاة مهارات الإنسان، مثل التفكير اللغوي والحسابي والتعلم والذاكرة.

في السنوات الأخيرة، شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي تطوراً كبيراً، وذلك بفضل تحسين أداء التعلم الآلي وزيادة البيانات المتاحة وتوفر البنية التحتية اللازمة لتطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويمكن استخدام التقنيات المختلفة في الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، مثل الطب والصناعة والتجارة والترفيه والخدمات الحكومية.

تاريخ الذكاء الاصطناعي

بدء التفكير بتطوير الذكاء الاصطناعي في عام 1936 مع عالم الرياضيات الفرنسي Alan turin الذي فكر بتعليم وتطوير الآلات لتقوم بمهمات البشر، حيث قام بتصنيع آلة سماها Turing Machine وكانت عبارة عن جهاز قادر على فك الشيفرات المعقدة القادمة من المانيا خلال الحرب العالمية الثانية لصالح القوات البريطانية، ثم طور اختبار خاص بالذكاء الاصطناعي، وتم استخدام مصطلح الذكاء الاصطناعي للمرة الأولى في عام 1956 ودخل حيز التطوير حتى بداية القرن الواحد والعشرين، حيث بدأ العلماء باستخدام مناهج رياضية ومعايير علمية دقيقة لإنتاج كمبيوترات ذكية قادرة على حفظ كم هائل من البيانات

بدأت التقنيات المبرمجة تتطور على النحو التالي لتصل إلى الذكاء الصناعي:

ومن بين التقنيات الحديثة في الذكاء الاصطناعي، تقنية التعلم العميق والتي تعتمد على استخدام شبكات العصب الاصطناعي لتحسين أداء الذكاء الاصطناعي، وتقنية الذكاء الحسابي والتي تعتمد على استخدام الحوسبة الكمية لتحليل البيانات وحل المشاكل المعقدة، كما ظهرت تطبيقات صناعة المحتوى والترجمة مثل تطبيق (ChatGPT) الذي بدأ العمل عليه في العام 2018 وأصدر في العام 2019 وتم تطوير نسختين منه في العام 2020 وما زال في تطور حتى اليوم، بالإضافة لتطبيقات معالجة الصور والفيديوهات والأصوات، والمساعدات الصوتية التي بدأت تتنوع استخداماتها في مجالات خدمية عديدة، كالانترنيت أو الأجهزة الخليوية أو حتى السيارات والأجهزة المنزلية والمكتبية.

تطور الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة

تشهد التكنولوجيا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل التقدم الهائل في تقنيات الحوسبة، وتحسين أساليب التعلم الآلي، وزيادة البيانات المتاحة، وتوفر البنية التحتية اللازمة لتطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن بين أهم تطورات الذكاء الاصطناعي:

مستقبل الذكاء الصناعي

يعد الذكاء الاصطناعي من أهم وأكثر التقنيات تأثيرًا في العصر الحالي، ويتوقع أن يستمر تطوره وتطبيقاته في المستقبل، ومن بين الرؤى والتوقعات لمستقبل الذكاء الاصطناعي:

  1. زيادة الاستخدام في مختلف المجالات: من المتوقع أن يستمر الذكاء الاصطناعي في الاستخدام في مختلف المجالات، مثل الصناعة والتجارة والطب والترفيه والخدمات الحكومية والمالية، وذلك لتحسين الأداء وتحسين تجربة المستخدم، وزيادة الاعتماد على هذه التقنية لتصبح أكثر جدية في التدخل في مفاصل مهمة في حياة الإنسان.
  2. تطوير التقنيات والأنظمة: غالبا سوف يستمر يتم تطوير التقنيات والأنظمة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، مثل الشبكات العصبية الاصطناعية والتعلم العميق والتعلم الإحصائي والحوسبة الكمية، وذلك لتحسين الأداء وتحسين دقة التنبؤات.
  3. الذكاء الاصطناعي العام: الذكاء الاصطناعي العام هو تقنية تهدف إلى تطوير نماذج قادرة على حل مجموعة واسعة من المشاكل والمهام المختلفة، وذلك لتحسين الكفاءة والإنتاجية في مختلف المجالات، وسوف تصبح هذه الحقيقة في المستقبل أكثر تعمقاً وأقناعاً للمستخدمين ما سوف يساهم في تطورها بشكل كبيرة.
  4. الذكاء الاصطناعي المستند إلى الأخلاق: يتوقع أن يزداد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي المستند إلى الأخلاق، وذلك لتحسين الأداء والحفاظ على القيم الأخلاقية والاجتماعية المهمة في المجتمع، هذه الطريقة هي الأفضل لضمان طريقة عمل مناسبة لتقنية الذكاء الصناعي حتى لا يتمكن المستخدم العادي من استغلالها في الأشياء غير الأخلاقية.
  5. تحسين التفاعل بين الإنسان-الآلة: أغلب الظن أنه سوف يتم العمل على تطوير تقنيات تحسين التفاعل بين الإنسان والآلة، وذلك بغية زيادة فعالية الذكاء الاصطناعي، وتحسين تجربة المستخدم له.

معنى التعلم الذاتي للذكاء الاصطناعي

التعلم الذاتي هو القدرة على التعلم والتحسين بشكل ذاتي، ويعد من أهم ميزات الذكاء الاصطناعي، وهو جوهر الفرق بينه وبين تكنولوجيا المعلومات التقليدية، حيث يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على التعلم من البيانات التي يتم تقديمها له، وتحسين أدائه بشكل تلقائي دون الحاجة إلى تدخل بشري.

يتم تحقيق التعلم الذاتي في الذكاء الاصطناعي من خلال استخدام تقنيات التعلم الآلي، مثل التعلم العميق والتعلم الإحصائي وشبكات العصب الاصطناعي، وذلك لتحليل البيانات وتحسين أداء النظام، ويعتمد التعلم الذاتي على البيانات والتفاعل بين النظام والبيئة المحيطة به، ويتم تحسين الأداء بشكل تلقائي عندما يتم تزويد النظام بكميات أكبر من البيانات.

ويمكن استخدام التعلم الذاتي في الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة، مثل التصوير الطبي وتحليل البيانات والتطبيقات الصناعية والروبوتات الذكية والألعاب الإلكترونية وغيرها. وتساهم التقنيات المستخدمة في التعلم الذاتي في تحسين جودة الحلول المقدمة وتقليل الخطأ وتحسين دقة التنبؤات وتحسين تجربة المستخدم.

ومع استمرار التطورات التي تشهدها مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يمكن التوقع بأن يزداد استخدام التعلم الذاتي في المستقبل، ويتم تحسين الأداء وتحسين تجربة المستخدم بشكل أفضل.

ما المقصود بالتعلم العميق في الذكاء الاصطناعي؟

التعلم العميق هو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يستخدم شبكات عصبونية متعددة الطبقات لتعلم التمثيلات والمفاهيم المختلفة للبيانات، وتحليل وفهم العلاقات الضمنية بينها، ويشار إليه أيضًا باسم "التعلم العميق المتعدد الطبقات" (Deep Learning)، ويستخدم في تطبيقات مثل التصنيف والتنبؤ والترجمة الآلية والتعرف على الصور والصوت والنص.

ويعتمد التعلم العميق على شبكات عصبونية اصطناعية متعددة الطبقات، والتي تسمح للنظام بتعلم التمثيلات المتعددة للبيانات، والتي يمكن استخدامها في تحليل وفهم البيانات الجديدة، وتتكون هذه الشبكات من طبقات متعددة، حيث تقوم الطبقات الأولى بتحليل الخصائص الأساسية للبيانات، وتقوم الطبقات الأعلى بتحليل الخصائص الأكثر تعقيداً.

وتستخدم التقنيات المتعلقة بالتعلم العميق في تحسين أداء النظم الاصطناعية في مجالات مثل التعرف على الصوت والصورة والترجمة الآلية والتحليل اللغوي والتعلم الآلي، وغيرها من التطبيقات. ويتطلب التعلم العميق كميات كبيرة من البيانات المعلمة ووقت تدريب طويل، ولكنه يمكن أن يؤدي إلى نتائج دقيقة وفعالة في التحليل والتنبؤ.

ما هو التعلم العميق المعزز في الذكاء الصناعي؟

التعلم العميق المعزز ((Reinforcement Learning هو فرع آخر من فروع الذكاء الاصطناعي، وهو يهدف إلى تدريب النظم الاصطناعية على اتخاذ القرارات المناسبة في بيئات متغيرة بطريقة مستقلة تماماً، يتم ذلك من خلال تطبيق مكافآت Rewards) ) وعقوبات Penalties)) حيث يتم تشجيع النظام الاصطناعي على اتخاذ القرارات الصحيحة وتجنب الخطأ.

ويعتمد التعلم العميق المعزز على استخدام شبكات عصبونية لتحليل البيانات، ويتم تدريب هذه الشبكات باستخدام مجموعة من البيانات المعلمة، والتي تتضمن معلومات حول الحالات المختلفة في البيئة، والمكافآت والعقوبات المرتبطة بالقرارات التي يتخذها النظام الاصطناعي.

ويستخدم التعلم العميق المعزز في تطبيقات مختلفة، مثل الروبوتات الذكية والألعاب والسيارات الذاتية القيادة والتحكم في العمليات الصناعية والتحكم في العمليات الطبية، وغيرها من التطبيقات.

ويتطلب التعلم العميق المعزز وقتاً وجهداً كبيراً في التدريب، ويحتاج إلى تحديد الهدف المناسب وتحديد المكافآت والعقوبات المناسبة، ولكنه يمكن أن يؤدي إلى نتائج دقيقة وفعالة في تحليل وتنبؤ السلوكيات المختلفة في البيئات المختلفة.

Exit mobile version