شهر رمضان ليس فقط الإمساك عن الطعام والشراب، بل هو مزيج من العادات والتقاليد الرمضانية المختلفة باختلاف الثقافات، التي تمنح الشهر الفضيل خصوصيته الاجتماعية إلى جانب قيمته الدينية، تعرف أكثر إلى أهم العادات الرمضانية القديمة والمشهورة.
العادات والتقاليد في شهر رمضان المبارك
- المائدة الرمضانية وأكلات رمضان: من عادات رمضان الموائد الكبيرة والمميزة على وجبة الإفطار، التي تتضمن أطباق مختلفة ومتنوعة من الشوربات والسلطات والمرطبات والأطباق الرئيسية التي يكون بعضها مخصص لرمضان، تجتمع جميع أفراد العائلة لتناول وجبة الإفطار معاً عند سماع المدفع أو أذان المغرب.
- عادات وجبات السحور: من عادات شهر رمضان المبارك هو الاستيقاظ في الليل قبل موعد أذان الفجر لتناول وجبة السحور، وغالباً تكون وجبة خفيفة، تجتمع بعض العائلات على وجبة السحور وتلزم قراءة القرآن والدعاء وأداء صلاة الفجر معاً.
- الاجتماع مع الأقارب: غالباً تكون أجواء رمضان مشتركة مع الأقارب وخاصةً من الدرجة الأولى، فمن عادات شهر رمضان الاجتماع سواءً على مائدة الإفطار والسحور أو في المطاعم والمقاهي أو قضاء سهرات رمضان في المنزل مع الأقارب، فلا شيء يضاهي جمعة العائلة يومياً في هذا الشهر الفضل.
- تقصير ساعات العمل: رغم أن هذا ليس من العادات والتقاليد التعبدية والاجتماعية في رمضان، لكنها أصبحت عادة متبعة في شهر رمضان، سواءً تخفيض عدد ساعات العمل أو دوام الجامعات والمدارس للتخفيف من الجهد والإرهاق وإتاحة الفرصة للتمتع بالطقوس الرمضانية.
- الخيمة الرمضانية: وهي من العادات الرمضانية الحديثة، أصبح هناك ما يسمى بخيمة رمضان وهي عبارة عن جلسات رمضانية تقوم بها المطاعم والمقاهي بتقديم وجبات شهية متنوعة من الإفطار وحتى السحور مع برنامج احتفالي يتضمن الموسيقى المناسبة للطقوس في رمضان كالأناشيد والميلويات وغيرها من الطقوس الرمضانية الممتعة.
- توزيع وجبات الإفطار: من العادات الرمضانية الجميلة التي بدأت منذ القدم ومازالت حتى يومنا هذا، حيث تقوم العائلات بتوزيع أطباق متنوعة من الحلويات والطبخ على المنازل المجاورة سواءً كانوا من الأقارب أو الفقراء أو الأغنياء أو الجيران.
- الولائم الجماعية: تكثر في شهر رمضان المبارك العزائم بكافة أشكالها وفي المنزل أو خارجه لزيادة الروابط والعلاقات الاجتماعية المستحبة، وأيضاً تشمل الولائم الجماعية الموائد الرمضانية التي أصبحت من العادات الرمضانية المنتشرة في الآونة الأخيرة، حيث يقوم الأغنياء بصناعة أطباق وجمعها في جامع أو خيمة يجتمع بها الفقراء لتناول وجبة الإفطار.
- البرامج التلفزيونية: أيضاً من العادات الرمضانية الحديثة إعداد برامج الفوازير والبرامج الربحية المكونة من الأسئلة والأجوبة والجوائز للرابحين، يجتمع الأهل والعائلة بعد الإفطار لحضور هذه البرامج أو بعض المسلسلات المعدة لرمضان، رغم أنها ليست من الطقوس المستحبة لكنها أصبحت منتشرة بشكل كبير في المجتمعات الإسلامية.
كيف يستقبل المسلمون رمضان؟
تبدأ تهاليل استقبال شهر رمضان المبارك من يوم النصف من شعبان وتختلف طريقة استقبال رمضان بحسب العادات الرمضانية السائدة عند أهل المنطقة، لكن بشكل عام يستقبل المسلمون شهر رمضان بطقوس احتفالية مميزة والبدء بالتحضير للشهر الكريم:
- التنظيف قبل حلول الشهر الفضيل: تبدأ النساء بتعزيل المنزل احتفالاً بقدوم الشهر وتهيئة المنزل لاستقبال العائلات الأخرى في العزائم والولائم، وهي من عادات شهر رمضان التي تقوم بها الأسر بدءً من الأيام الأخيرة من شعبان.
- الزينة المخصصة لشهر رمضان: أحد العادات الرمضانية الجميلة استخدام الزينة في المنازل والأحياء احتفالاً بقدوم شهر رمضان، فتبدء بعض الأسر بمد حبال الزينة المضاءة واستخدام الفوانيس والهلال والنجم المضاء استعداداً لاستقبال الشهر المبارك.
- التسوق لرمضان: من عادات شهر رمضان المبارك الذهاب للتسوق للتهيؤ لقدوم شهر رمضان فتجد الأسواق مكتظة بالناس ضمن أجواء احتفالية من موسيقى وأناشيد وعراضات وتوزيع الضيافة من قبل الدكاكين، كدعوة للناس لشراء التمر والملبس وتجهيزات شهر رمضان المبارك.
- تحضير الأطعمة والمشروبات الخاصة بشهر رمضان: تحضير المشروبات الرمضانية في المنازل من العادات الرمضانية المنتشرة، فتبدأ النساء في المنازل بالاستنفار وجرت العادة بالبدء بتحضير المشروبات الرمضانية كالتمر الهندي وعرق السوس وقمر الدين المشروبات التقليدية استقبالاً لشهر رمضان المبارك.
- المباركات للأهل والجيران بقدوم الشهر: التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك للجيران والأهل من العادات والتقاليد الجميلة في رمضان من لحظة إثبات الشهر، كانت المباركة قديماً من خلال الزيارات والمقابلات والطرق على الأبواب للتهنئة أما اليوم أصبحت بالرسائل والاتصالات.
- اجتماع الأهل في الليلة الأولى من رمضان: جرت العادة في رمضان أن العائلة تجتمع بأكملها في اليوم الأول من رمضان ويتناولون وجبة السحور الأولى والإفطار الأول معاً، فمن أكثر العادات الرمضانية التي تراها في الشهر الفضيل اجتماع كل من الأجداد والأبناء والأحفاد في اليوم الأول من مضان.
عادات المسلمين في رمضان والسنن الرمضانية
- الإكثار من العبادات: من عادات المسلمين في شهر رمضان الإكثار من التعبد والدعاء والبعض يعتكف في الثلث الأخير اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلّم، والتحري عن الليالي الفضيلة في الشهر المبارك واستغلالها للذكر والدعاء والصلاة والإكثار من قراءة القرآن الكريم.
- حضور الحلقات الدينية: من العادات والتقاليد الرمضانية إقامة حلقات الوعظ الديني التي تحث على التعاون والتكافل والصدقة وحسن المعاملة، وكيفية استغلال شهر رمضان لزيادة الحسنات والفوز برضا الله، تقام هذه الحلقات في رمضان ليس فقط للأطفال بل أيضاً للكبار والشيوخ.
- الإكثار من الصدقات: الإكثار من الصدقات في رمضان خاصةً إطعام الصائم من أهم سنن شهر رمضا، لما روي في السنة النبوية الشريفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يكثر من الصدقات في رمضان، روى عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان: "كانَ أجْوَدَ النّاسِ، وأَجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ".
- أداء صلاة التراويح: أداء صلاة التراويح من السنن المؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورغم هذا لم يكن النبي يداوم عليها بشكل يومي في المسجد بهدف التأكيد على أنها ليست فرض، ورغم هذا أصبحت من العادات الرمضانية اليومية عند الكثيرين، حيث يتجه معظم المسلمين للجوامع عند صلاة العشاء لأداء صلاة التراويح جماعة.
- إنهاء ختمة من القرآن الكريم: من العادات الرمضانية المستحبة في رمضان إنهاء على الأقل ختمة واحدة في رمضان في كل يوم جزء، حيث يستحب الإكثار من قراءة القرآن في رمضان خاصةً في العشر الأخير من الشهر تحرياً لليلة القدر ليلة نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلّم.
عادات رمضانية قديمة
كانت عادات شهر رمضان منذ مئات السنين مختلفة عن اليوم، وسبب الاختلاف الرئيسي هو دخول التكنولوجيا العصرية ووسائل التواصل، وعلى الرغم من هذا مازالت العادات الرمضانية القديمة منتشرة لكن ليس بنفس الطريقة أو بنفس الانتشار بين المجتمعات، ومن العادات الرمضانية القديمة:
- موكب رؤية الهلال: وهي من العادات الرمضانية القديمة، بدأت في العصر المملوكي في مصر حيث كان يخرج الوالي في مقدمة موكب مع القاضي ويتبعه الكثير من عامة الشعب لاستطلاع رؤية هلال رمضان ضمن تهاليل وقرع طبول، كان ينتظر العوام هذا اليوم لمشاهدة هذه الطقوس والاستمتاع بها.
- مدفع رمضان: مدفع رمضان من العادات الرمضانية القديمة جداً للإشارة إلى وقت الإفطار، فكان يعني سماع صوت المدفع أن وقت الإفطار قد حان، بدأت هذه العادة بالصدفة في العصر المملوكي في مصر حيث تلقى والي مصر مدفع هدية وأمر بتجربته فصادفت لحظة التجربة وقت أذان المغرب.
واستمرت هذه العادة بالانتشار والاعتماد عليها إلى أن ظهرت مكبرات الصوت التي أصبحت تستخدم في الجوامع، فرغم استخدام المدافع الرمضانية إلى اليوم في بعض المناطق لكن الاعتماد الرئيسي على صوت الأذان في المنطقة. - المسحر أو المسحراتي: المسحراتي هو من يقوم على طرق الطبل مع بعض الإنشاد والترتيل لإيقاظ الصائمين على السحور، ويدور على المنازل لجمع (العيدية) في اليومين الأخيرين من الشهر المبارك، ورغم بقاء هذه العادة الرمضانية إلى اليوم في كثير من المناطق، إلا أنها لم تعد كسابق عهدها فأصبح من الصعب على المسحر إيقاظ الصائمين في الأبنية العالية، لكنه بقي لليوم حفاظاً على العادات والتقاليد الرمضانية، ومازال يحتفظ بمكانته في الأحياء القديمة.
- السكبة أو تبادل أطباق الأطعمة بين الجيران: توزيع الأطباق والأطعمة من العادات الرمضانية القديمة الرائعة التي مازالت منتشرة بكثرة في الأحياء القديمة في بلاد الشام ومصر وتركيا، تجد الأطفال قبل أذان المغرب بدقائق يدورون بالأطباق على منازل الجيران يأخذون السكب ويأتون بغيرها.
- الزيارات والسهرات الرمضانية: ضمن عادات وتقاليد شهر رمضان الاجتماع والسهر داخل المنزل أو في المقاهي والشوارع بعد الإفطار وصلاة التراويح بشكل شبه يومي مع الأصدقاء والجيران الأقارب، أما اليوم رغم استمرار هذه العادة إلا أنها تراجعت بشكل كبير رغم روعتها وجمالها بسبب ارتباط الكثير بشاشات التلفاز الذي أصبح من أكثر الطقوس انتشاراً في رمضان.
- تعليق الفوانيس في الأحياء: كانت الفوانيس تستخدم لإضاءة الطرقات منذ القدم حيث كانت الحياة تتوقف بعد العشاء لذا يكفي القليل المشاعل ليلاً، أما في رمضان الحياة تبقى مفعمة في الشوارع والطرقات والمقاهي ويضطر الناس لاستخدام الفوانيس بكثرة من الفطور إلى السحور.
حتى أصبح الفانوس مع مرور الوقت رمز لشهر رمضان، وأصبحت الفوانيس تستخدم للزينة في رمضان سواءً في المنزل أو في الطرقات وأصبحت من العادات الرمضانية المنتشرة في معظم الدول العربية وتجد الأطفال يحملون الفوانيس ويلهون بها.
عادات وتقاليد الشعوب في رمضان
رغم التشابه في عادات شهر رمضان في الدول الإسلامية إلا أن هناك بعض الطقوس الخاصة والمميزة التي تتبع في بلد معين، ومن هذه العادات:
- جمع الأطفال للهدايا: من العادات المنتشرة في طاجيكستان انتشار الأطفال والتجوال في الشوارع حاملين معهم حقائب لجمع الهدايا من الناس ويغنون الأغاني المبهجة.
- رش المنازل بعطر المسك عند رؤية الهلال: من العادات الرمضانية الجميلة في تركيا أنه بمجرد رؤية هلال رمضان واثبات الشهر يتم رش المنازل بعطر المسك وماء الورد، فتجد الأحياء تنبعث منها روائح العطور المرتبطة بشهر رمضان.
- حلق الشعر بالكامل: من العادات الرمضانية الغريبة في موريتانيا أن الرجال يحلقون الشعر بشكل كامل قبل رمضان لينمو شعر جديد في رمضان يسمونه "شعر رمضان" تعبيراً عن السعادة والاحتفال بالشهر الفضيل.
- استقبال الفقراء على الإفطار يومياً: استضافة الفقراء على وجبة الإفطار بشكل يومي من العادات الرمضانية اللطيفة في نيجيريا، ولا تنتشر هذه العادة الرمضانية الإنسانية فقط في نيجيريا فهي توجد في بلدان أخرى لكن بانتشار أقل كمنطقة بلاد الشام.
- الإفطار بعد صلاة المغرب: جرت العادة في رمضان عند المسلمين في الصين أنه لا يتم الإفطار إلا بعد قضاء صلاة المغرب، يكون تناول الإفطار حبة تمر مع كأس من الشاي المحلى ومن ثم تناول وجبة الإفطار المعتادة.
- حرب البيض المسلوق: توجد عادة رمضانية غريبة في باكستان، تسمى مسابقة البيض المسلوق وهي عبارة عن احتفال يقام لتشجيع الأطفال الذين يصومون لأول مرة، تقام هذه العادة يومياً على مدار شهر رمضان بعد الإفطار حيث يحاول الطفل كسر البيضة المسلوقة بيد خصمه لكسرها والدخول في مرحلة لاحقة.
- تطهير النفس: من عادات شهر رمضان التي مازالت سائدة إلى اليوم في اندونيسيا خاصةً في جاوة هي تطهير النفس والجسد والعقل قبل يوم من شهر رمضان، ويدعى بادوسان ويعني الاستحمام، من خلال الغطس في مياه الينابيع من الرأس للقدمين.