الذكاءات المتعددة للأطفال وكيف أعرف نوع ذكاء طفلي

قدم عالم النفس والتربية هاورد غاردنر نظرية الذكاءات المتعددة في كتابه (الأطر العقلية Frames of Mind)، وبدلاً من الطريقة التقليدية لتقييم واختبارات الذكاء المبنية على مقياس أحادي الجانب، طرحت نظرية الذكاءات المتعددة فهماً جديداً يعتمد على تقييم الذكاء في جوانب محددة، فجميع الأطفال يمتلكون قدراً وافراً من الذكاء، لكن يجب أن يتم تحديد جوانب الذكاء المتفوقة والتي تصنع الفروق الفردية.

ما هو مفهوم الذكاءات المتعددة للأطفال؟

نظرية الذكاءات المتعددة أو الذكاء المتعدد (بالإنجليزية: Multiple Intelligence) هي نظرية وضعها عالم النفس الأمريكي هاورد غاردنر قسّم من خلالها الذكاء عند الإنسان إلى 7 أنماط مختلفة، ونمتلك جميعاً أنواع الذكاء هذه لكن بدرجات متفاوتة تفسّر الفروق الفردية بين الأشخاص.

أنواع الذكاء المتعدد عند الإنسان كما صنّفها غاردنر هي: الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي أو الرياضي، الذكاء المكاني، الذكاء الجسدي الحركي، الذكاء الموسيقي، الذكاء الشخصي، والذكاء الطبيعي.

فالذكاء عند غاردنر هو قوة عقلية وبسبب عوامل بيولوجية ووراثية وأخرى تربوية مكتسبة تختلف قدرات كل إنسان من حيث نشاط نوع معين من الذكاء أو عدة أنواع أكثر من غيرها، ودعا غاردنر إلى أن تأخذ منهجية التعليم ذلك بعين الاعتبار في تنمية أنواع الذكاء عند الطفل في المراحل الأولى.

في الحقيقة نظرية الذكاء المتعدد عند الأطفال لا تستهدف فقط فهم الفروقات الفردية بين الأطفال أو اختبار تصنيف ذكائهم، بل تستهدف التخطيط لاستغلال الجوانب المميزة من ذكاء كل طفل وتوظيفها بطريقة صحيحة تجعل الطفل يبني مساراً تعليمياً ومهنياً ناجحاً على الأمد الطويل.

ما هي أنواع الذكاءات المتعددة عند الأطفال؟

يوجد بعض الاختلاف حول أنواع الذكاء التي حددها غاردنر في نظرية الذكاءات المتعددة، حيث صنّف هذه الأنواع على فترات متقطعة، حتى أنه لم يبت بشكل نهائي ببعض أنواع الذكاء المتعدد، ولا بد من التنبيه أن جميع الأطفال يمتلكون جوانب أو أنواع الذكاء جميعها لكن يتميزون بنوع أو أكثر من الذكاء بشكل خاص.

وبشكل عام يمكن تحديد أنواع الذكاء المتعدد عن الأطفال بالشكل التالي:

  1. الذكاء المنطقي أو الرياضي:

    من أنواع الذكاء التقليدية المعروفة، حيث يبدي الطفل الذي يتميز بالذكاء المنطقي قدرات أكبر في مجال التحليل والتركيب وحل المشكلات والتعامل مع الأرقام وفهم واستعمال المفاهيم الرياضية والمنطقية.

  2. الذكاء اللغوي:

    يبدي الطفل الذي يتميز بالذكاء اللغوي تطوراً مبكراً في المهارات اللغوية وفهم معاني اللغة واستخدامها، ومع نموه تظهر لديه قدرات أعلى في مجال التحدث واستخدام اللغة وإيصال الأفكار وإدارة الحوار.

  3. الذكاء البصري أو المكاني:

    من أنواع الذكاء التي اقترحها غاردنر والتي يكون فيها لدى الطفل قدرة أكبر على إدراك الأشياء المرئية وحفظها وتذكرها، وتصور الأشياء ذهنياً والتفريق بين الأشكال والألوان والمسافات والأحجام، ويبدي أصحاب هذا النوع من الذكاء إبداعاً في المجالات التي تحتاج للرسم، مثل التصميم أو الهندسة.

  4. الذكاء الموسيقي:

    من أنواع الذكاء التي تتعلق بالأجزاء الإبداعية في الدماغ، حيث يكون الطفل المتميز بالذكاء الصوتي قادراً على تمييز الأصوات وتحليلها وتقليدها، ويميل أصحاب هذا النوع من الذكاء للعمل في مجال الغناء أو الموسيقى أو تصميم الأصوات.

  5. الذكاء الشخصي ومعرفة الذات:

    يكون لدى الأطفال الذين يتمتعون بمستوى مرتفع من الذكاء الشخصي قدرة أكبر في فهم الذات والتصالح معها، مثل معرفة الدوافع والأفكار والعواطف والميول والقدرات الشخصية، ويكون لدى صاحب هذا النوع من الذكاء قدرة على تحديد ما يريد وكيف يصل لأهدافه.

  6. الذكاء الحركي أو الجسدي:

    حيث يكون الطفل أكثر قدرة على استخدام جسده والقيام بحركات دقيقة وبفاعلية أكبر من أقرانه، ويبدي هؤلاء الأطفال نجاحاً أكبر في المهام التي تحتاج لمهارات جسدية مثل الرياضية أو الحرف اليدوية والحركات التي تتطلب توازناً جسدياً.

  7. الذكاء البيئي أو الطبيعي:

    في هذا النوع من الذكاء يبدي الطفل قدرة خاصة في فهم عالم الطبيعة وعناصرها، مثل سلوك الحيوانات وحركتها ودوافعها أو فهم طريقة عمل ونمو النباتات وفهم الأنظمة البيئة، ويتميز أصحاب هذا النوع من الذكاء في مجالات الزراعة وتربية الحيوانات والعلوم الحيوية والطبيعية.

  8. الذكاء الاجتماعي:

    الأطفال المتفوقون بهذا النوع من الذكاء يكونون أكثر قدرة على فهم الآخرين ويتمتعون بذكاء تفاعلي، من حيث عواطفهم ورغباتهم وميولهم وكيفية التأثير عليهم، يكون لديهم ملاحظة قوية وقدرة على فهم الفروق بين الأشخاص والتعامل معها.

  9. الذكاء العاطفي:

    من أنواع الذكاء المعروفة التي يبدي فيها الطفل قدرة أكبر في فهم العواطف سواء العواطف الشخصية أو عواطف الآخرين، والتعامل مع هذه العواطف وضبطها وفهم السلوكيات المتعلقة بهذه العواطف والقدرة على التأثير فيها.

  10. الذكاء الوجودي:

    يميل الأطفال المتميزون بهذا النوع من الذكاء للتعميم وفهم الأفكار المجردة والعموميات، وتكون لديهم قدرة أكبر على التجريد والتفكير بالوجوديات، وعادةً ما يبرع أصحاب هذا النوع من الذكاء في الفلسفة والعلوم الشرعية.

كيف يمكن الاستفادة من تعددية الذكاء في مرحلة الطفولة المبكرة؟

في مرحلة الطفولة المبكرة والتي تمتد من عمر سنتين إلى 5 سنوات تقريباً يكون الطفل أقل تأثراً بالعوامل البيئية والتربوية ولم تتحدد ميوله وأفكاره ورغباته ودوافعه بشكل واضع، إلا ما يتعلق بالعوامل الوراثية وبعض الأمور المكتسبة تربوياً، وهذا يتيح الفرصة لتنمية جميع أنواع الذكاء عند الطفل من خلال استراتيجيات تنمية الذكاء العام، وتحديد أي من أنواع الذكاء الأكثر نشاطاً عند الطفل والعمل على تطويره من خلال أنشطة موجّهة.

للاستفادة من تعددية الذكاء في مرحلة الطفولة المبكرة يجب أن نعرض على الطفل جميع الأنشطة والألعاب التي من شأنها كشف طبيعة الذكاء لديه، على سبيل المثال:


وبعد أن يتعرف الطفل على الأنشطة التي تختبر جميع أنواع الذكاء لديه ويبدي ميل نحو بعضها يجب التركيز في ألعابه وأنشطته على ما ينمي هذه الذكاءات، بالإضافة لعدم حرمانه من الألعاب والأنشطة التي تنمي أنواع الذكاء الأخرى.

ومع الوقت يكون الطفل قد حصل على الفرصة للتعرف بشكل أفضل على العالم من حوله وعلى ميوله ورغباته التي سوف يبدي فيها إبداعاً ونشاطاً أكبر، ولم يحرم في الوقت نفسه من التعلم حول الأشياء التي تحتاج أنواع أخرى من الذكاء.

كيف أعرف نوع ذكاء طفلي وأنميه؟

ما هي استراتيجية الذكاءات المتعددة؟ يقصد باستراتيجية الذكاءات المتعددة، هو ما يجب فعله من قبل المعلمين أو الأهل لاكتشاف نوع الذكاء الذي يتمتع به الطفل وطرق تنميته واعتماد وسائل تعليمية تناسبه، وأهم خطوات اكتشاف نوع ذكاء الطفل:

  1. عرض أنشطة متنوعة للذكاءات المتعددة: يفيد عرض الأنشطة المتنوعة على الأطفال التي تتضمن وسائل تساعد على اكتشاف وقياس نوع الذكاء الأكثر نشاطاً عند الطفل، مثل الألعاب الحركية واللغوية والفنية والذهنية والموسيقية والتعليمية وغيرها.
  2. التركيز على نوع الذكاء عند الطفل: بعد أن نتمكن من تحديد نوع الذكاء الأكثر نشاطاً عند الطفل، يجب التركيز على هذا النوع من حيث الأنشطة والألعاب والمواد التعليمية التي تصقل هذا الذكاء وتنميه، مع الحرص على تنمية باقي أنواع الذكاء عند الطفل وعدم إهمالها.
  3. استخدام طرق تعلمية مناسبة لنوع الذكاء: في العملية التعليمية يمكن استخدام أكثر من طريقة للتعامل مع الفروق الفردية بين الطلاب، فبعض الأطفال يكونون قادرين على استيعاب الفكرة باستخدام الشروحات المجردة المباشرة، والبعض يحتاج لأمثلة تطبيقية تناسب نوع الذكاء الذي لديه.
  4. توفير المتطلبات اللازمة لتنمية نوع الذكاء: في سياق عملية تنمية نوع الذكاء الذي يميل الطفل إليه، قد يحتاج الأمر لبعض المتطلبات، مثل أدوات معينة كالألعاب وأدوات الرسم والتلوين أو الآلات الموسيقية، وبعضها يحتاج لاتباع دورات تدريبية وبعضها يحتاج للممارسة المستمرة، كل ذلك يجب توفيره للطفل.
  5. الحديث دائماً مع الطفل: الحديث مع الطفل أيضاً من الطرق المهمة التي تزيد مستوى التواصل والتفاهم من قبل القائم على التربية وبين الطفل، وهو يفيد في فهم ما يجول في خاطره من أفكار وتوجهات، وبالتالي التعرف على ميوله ورغباته، ويعطي فرصة أفضل للتفاعل معه لمساعدته في اكتشاف وتنمية نوع الذكاء الذي يتمتع به.

أهمية وفوائد نظرية الذكاءات المتعددة في التعليم

Exit mobile version