قواعد تناغم الألوان والتناسق اللوني

انظر إلى الطبيعة من حولك إلى تفاصيل الحياة في المحال التجارية ومحال الطعام والألبسة والمنزل، جميعها تتميز بألوان تتناغم مع بعضها البعض لتشكل الصور المحيطة بشكل يبعث فيها الحياة، ويجعلها قادرة على التأثير على عاطفتك واختياراتك سواءً في اللباس أو الديكور أو تصميم شركتك الخاصة وعلامتك التجارية بشكل جذاب وملفت، فما هو تناغم الألوان، وكيف يمكن استخدامه ولماذا؟ هذا سيكون محورنا في المقال التالي.

ما المقصود بتناغم الألوان؟

تناغم الألوان هو عملية جمع لونين أو أكثر من عجلة الألوان بطريقة جذابة ومريحة للنظر وتحقق أهدافاً محددة مسبقاً مثل لفت الانتباه أو تعزيز تبيان العناصر، ويستهدف تناغم الألوان التأثير بعاطفة البشر وسعادتهم بسبب التأثير المشترك لهذه الألوان.

تم استخدام تناغم الألوان من قبل الفنانين والمصممين من أجل الوصول إلى بعض الحالات العاطفية والسلوكية والجمالية، وقد لا يدرك غير المتخصصين الأثر الكبير لتناغم الألوان على صورة المنتج النهائي مهما كان هذا المنتج، على سبيل المثال يعمل مصممو تجربة المستخدم على التأكد من تناسب لون كل عنصر من عناصر المنتج مع الهدف المرجو منه، وتناسق ألوان العناصر معاً، كما يعمل مصممو الأزياء على تصميم تناسق لوني يتناسب مع الفصول ويتناسب مع رسالة المصمم.

ما هي عجلة الألوان؟

عجلة الألوان (Color wheel) هي حلقة تشمل الألوان الأساسية والثانوية والثالثية، وهناك نموذجان لعجلة الألوان، الأول يعتبر الألوان الأساسية الأصفر والأحمر والأزرق، والنموذج الثاني الأحمر والأخضر والأزرق (وهو الأكثر استخداماً في تصاميم الويب والشاشات لتشكيل حلقة ألوان أكثر سطوعاً)، وتعتبر عجلة الألوان المرجع الأول لفهم تناسق وتناغم الألوان.

تم وضع عجلة الألوان لأول مرة على يد إسحاق نيوتن عندما رأى انعكاسات الشمس بسبعة ألوان وهي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي ووضعها بالترتيب نفسه على عجلة الألوان، ثم بدأ التعديل على هذه الحلقة من قبل العديد من العلماء من بعده حتى وصلت للشكل المعروف اليوم والمكون من اثني عشر لوناً، يوضع في طرف الألوان الدافئة وفي الجهة الأخرى الألوان الباردة، يستخدم تناغم الألوان هذه الحلقة لإنشاء التصاميم والفنون والديكورات والملابس، مع الأخذ بالاعتبار درجة اللون والسطوع والظل والصبغة.

نماذج وأنماط تناغم الألوان

يستخدم في تناغم الألوان العجلة اللونية بأشكال مختلفة لتحقيق التناغم والغاية من التصميم أو الرسم، ومن أكثر أشكال تناغم الألوان شيوعاً:

عوامل تؤثر على تناغم الألوان

رغم أن تناغم الألوان يؤخذ من عجلة الألوان إلا أن العديد من العوامل الأخرى ترتبط بظهور الاندماج المطلوب ليكون التناغم جذاب ومتناسق، ومن العوامل التي يجب أخذها بالاعتبار:

  1. السطوع: سطوع اللون هو درجة انعكاسه للضوء، فقد يتم اختيار اللون الساطع المضاء أو المعتم أو المتوسط بشكل يتناسب مع التصميم والهدف منه، مثل ديكور المنزل الداخلي لا يفضل عادةً استخدام اللون الساطع بل يفضل استخدام اللون المطفي، على عكس تصميم صفحة الويب الذي يحتاج لألوان مضاءة وسطوع واضح.
  2. اختلاف الدرجات: قد يظهر تناغم الألوان عن طريق استخدام درجات مختلفة من اللون نفسه، سواءً كان النموذج المستخدم أحادي اللون أو أكثر من لون لإظهار تصميم معين، وقد لا يظهر اللون الأساسي أبداً في التصميم، فمثلاً في غرف نوم الأطفال يفضل استخدام درجات اللون البرتقالي دون ظهور صبغة اللون البرتقالي الأساسي لأنه لون قوي قد يكون مزعج لكنه يتمتع بدرجات هادئة وناعمة.
  3. عدد الألوان: أيضاً من العوامل التي تؤثر على تناغم الألوان في التصاميم والأعمال الفنية هو عدد الألوان المستخدمة، فمهما كان النموذج المستخدم هناك الكثير من الدرجات والصبغات يمكن استخدامها خلال دمج الألوان المتعددة، وكلما ازداد عدد الألوان كلما ازدادت خيارات مزج الألوان وازدادت الخطورة في تحقيق التناغم المطلوب بشكل ناجح وملفت.
  4. التباين: الفرق بين صبغة الألوان المستخدمة في التصاميم والفنون والديكورات تلعب دور كبير في تناغم الألوان، وكل ما ازداد التباين بين الألوان المستخدمة، كلما زادت فرصة الوقوع في فساد التصميم أو كان أكثر براعة لكنه أكثر جرأة، يتم استخدام الألوان ذات التباين القوي مع بعضها في تصاميم الملابس خاصةً الصيفية والعلامات التجارية.

تناغم وتناسق الألوان في الديكور

يعتبر الديكور من أهم المجالات التي تحتاج لتناسق وتناغم الألوان، ليس فقط للوصول إلى الراحة البصرية والجمالية، ولكن أيضاً لتلبية أهداف المكان الذي يتم تصميم الديكور من أجله، فتنسيق الألوان في ديكور المستشفيات على سبيل المثال يعتمد يراعي استخدام ألوان كاشفة للأوساخ لضرورات النظافة والتعقيم، كما يراعي تصميم ثياب الممرضين والأطباء امتصاص لون الدم الأحمر باستعمال اللون الأخضر والأزرق الغامق أو الكحلي.

في ديكورات البيوت يبدو الأمر أسهل لجهة الهدف من الألوان، لكنه أكثر تعقيداً لجهة تناسق ألوان العناصر المختلفة في المكان، ويهتم مهندسو ومصممو الديكور الداخلي للمنازل بأدق التفاصيل للحصول على صورة عامة مريحة ومتناسقة مهما كان العائلة اللونية المستعملة في التصميم.

تناسق الألوان في الملابس

تناسق الألوان في الرسم

الرسامون هم أكثر من يهتم بالتناغم اللوني لإنجاز عمل رائعة وبث الروح في القطعة الفنية المرسومة، فلولا تناسق الألوان تبدوا كأنها رسمة طفل صغير يرسم شمس صفراء وعشب أخضر ونهر أزرق، لكن ماذا عن الظلال والانعكاسات التي تعطي اللوحة سحرها وكأنها واقع، ودرجات الألوان المتناغمة والمتوافقة مع قدرة الصورة على الجذب وتمييز الرموز التعبيرية!

مثلاً رسم أشخاص يجلسون في مجلس يجب أن يكون لكل منها بصمة مختلفة في الوجه، رغم أن ألوان البشرة متقاربة والعيون لا تكاد تظهر يساعد تناغم الألوان بكافة أشكاله في مد الشعور لهذه اللوحات، وكذلك الأمواج المتلاطمة بالبحر لا تكفي درجة من اللون الأزرق لإبراز قوتها، فيجب أن تكن متناغمة مع دراجات مختلفة من اللون الأزرق والأبيض وانعكاسات الشمس وقاع البحر جميعها من الأمور الهامة التي يقدمها تناغم الألوان لفن الرسم.

Exit mobile version