ما هي مبطلات الصيام في رمضان ومفسدات الصوم المتفق عليها

بيّن الله تعالى ورسوله الكريم أحكام فريضة الصيام، من شروط التكليف ورخص الإفطار وما يتوجب عليه من كفارة أو فدية وقضاء، ومن أحكام الصيام الهامة مفسدات ومبطلات الصوم في رمضان، المتفق عليها وغير المتفق عليها، ومفسدات الصوم المعاصرة التي لم تكن في زمن السلف الصالح، نتعرف إليها في هذه المقالة مع مكروهات الصوم وما ينقص أجر الصائم دون أن يبطل صيامه.

تعريف مبطلات الصيام ومفسداته

مفسدات الصيام أو مبطلات الصوم أو النواقض، هي ما يفسد معه الصوم ويبطل به، وتشمل كل ما يخل بأحد أركان الصيام في رمضان أو يلغي أحد شروط وجوبه، ومن مفسدات الصيام ما يؤدي إلى بطلان الصيام مع وجوب التوبة لله تعالى ووجوب القضاء فقط، ومنها ما يؤدي إلى بطلان الصوم مع وجوب دفع الكفارة أو الفدية مع القضاء.

شروط وقوع مفسدات ومبطلات الصيام في رمضان

أما بالنسبة للضوابط أو الشروط التي يجب توافرها ليبطل الصوم بإحدى المفسدات أو النواقض، فهي ثلاث:

  1. العلم بمفسدات الصيام: حتى يتحقق بطلان الصيام بإحدى المفسدات يجب على الصائم أن يكون عالماً بأن الفعل الذي قام به يفسد صيامه، أما إذا كان جاهلاً فيعد معذوراً ولا يبطل الصيام، إلا أن العديد من الفقهاء لم يأخذوا بهذا الشرط إلا إذا كان الصائم جديد العهد بالإسلام أو نشأ في مكان بعيد عن ديار الإسلام.
  2. التذكّر: أي ألا يكون المكلف بالصوم قد ارتكب إحدى مفسدات الصيام وهو يتذكر صومه، فمن أفطر ناسياً لا يبطل صيامه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "إن اللهَ وضع عن أمتي الخطأَ، والنسيانَ، وما استُكرهوا عليه" رواه عبد الله بن عباس.
  3. الإرادة: ويقصد هنا أن يكون الصائم غير مكره على الفعل الذي يفطره، أما إذا كان مكرهاً وأجبر على الفعل الناقض للصوم فلا يفسد صيامه، والله أعلم. [1]

مفسدات الصيام ومبطلات الصوم من القرآن والسنة

اتفق الفقهاء على أشياء تبطل صوم المسلم إذا قام بإتيانها، وهي مفسدات الصيام المتفق عليها والتي وردت في القرآن الكريم والسنة الشريفة:

  1. الأكل والشرب عمداً: من أكل أو شرب متعمداً قاصداً يفسد صيامه وتجب عليه كفارة الفطر وقضاء اليوم الذي أفطره، وأسقط عنه بعض أهله العلم الكفارة وأوجبوا عليه القضاء فقط، أما من أكل وشرب ناسياً فلا يبطل صيامه، ويلزم عليه الإمساك عن الطعام والشراب بقية اليوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "من نسِي وهو صائمٌ فأكل وشرب فليتمَّ صومَه، فإنّما أطعمه اللهُ وسقاه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري.
  2. الجماع في نهار رمضان: الجماع في نهار رمضان من مفسدات الصيام المتفق عليها والتي توجب الكفارة الكبرى إطعام 60 مسكيناً مع القضاء بعد رمضان، من جامع زوجته عمداً في نهار رمضان أو وهو صائم بطل صيامه سواء أنزل أو لم ينزل.
  3. التقيؤ عمداً: إذا تعمد الصائم إخراج ما في جوفه بالقيء بطل صومه، أما التقيؤ والاستفراغ بدون عمد أو قصد فلا يبطل الصوم، إلا إذا أعاده إلى جوفه متعمداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "من ذَرَعَهُ القيُء فليسَ عليهِ قضاءٌ، ومن استقاءَ عمدًا فليقضِ" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه الترمذي.
  4. الاستمناء والعادة السرية: من تعمد الاستمناء فقد فسد صيامه ويجب عليه قضاءه مع التوبة أما إذا خرج المني بالاحتلام خلال النوم فلا يفسد الصوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الصائم "يَتركُ طعامَه وشرابَه وشَهوتَه من أجلِي" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري ومسلم.
  5. الحيض والنفاس: يبطل صوم المرأة عند خروج الدم من الرحم سواء كان دم حيض أو نفاس، ولا يصح صيام المرأة في أيام الدورة الشهرية أو النفاس، ويجب على المرأة استكمال الصيام بعد توقف الدم مباشرة، ولا يشترط الغسل من الحيض والنفاس فالطهارة ليست شرطاً للصيام، وعلى المرأة قضاء ما فاتها من صوم بعد انتهاء شهر رمضان.
  6. الجنون والإغماء: يفسد الصوم إذا طرأ الجنون على الصائم ولو لحظة، كما يبطل صوم المغمى عليه إذا عمّ النهار كاملاً أي من طلوع الفجر حتى غروب الشمس أما إذا أفاق في جزء من النهار فيصح صومه. [1]

هل الحجامة في رمضان من مفسدات الصيام؟

هل الحجامة تفسد الصيام؟ اختلف الفقهاء في اعتبار الحجامة للصائم إن كانت مفسدة للصيام أم لا، فحكم الحجامة للصائم عند المذهب الحنبلي أنها تفسد صوم الحاجم والمحجوم، وبهذا الرأي أخذ ابن عثيمين وابن تيمية، أما باقي المذاهب فتقول بعدم فساد الصوم بالحجامة. [4]

مبطلات الصيام المعاصرة

نتيجة للتطور العلمي والطبي في العصر الحديث استجدت بعض المسائل المتعلقة بمفسدات الصيام، والتي كانت محل جدل وبحث بين فقهاء الدين الإسلامي بهدف الوصول إلى حكم شرعي لها، وفيما يلي نذكر أبرز هذه المفطرات ورأي العلماء فيها:

  1. قطرة الأنف: قطرة الأنف تفسد الصيام بإجماع الفقهاء وذلك لأن ما يدخل للأنف ينفذ للحلق.
  2. سحب الدم: سحب الدم بكميات قليلة لغرض التحليل مثلاً لا يفسد الصيام، لكن إذا كان بكميات كبيرة كما في حالة التبرع بالدم فالصيام يبطل قياساً بالحجامة.
  3. غسيل الكلى: غسيل الكلى خلال الصيام يؤدي إلى إفساد الصيام وبطلانه، وذلك لأن السائل الذي يستعمل في غسيل الكلى من السوائل المغذية والتي يبطل معها الصيام.
  4. حقن الدم: إن حقن الدم في جسم الصائم يفسد الصيام لأن الدم غاية الغذاء.
  5. التدخين والشيشة: التدخين والشيشة لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم إلا أن الفقهاء قد أجمعوا على أن التدخين من مفسدات الصوم كونه يصل إلى الجوف، فكل ما يدخل للجوف يعتبر كالأكل والشرب، ويسبب بطلان الصوم.
  6. الحقن المغذية: استعمال الصائم للحقن المغذية (السيروم) والذي يستغني من خلالها عن الشراب والطعام يعتبر مفسداً للصوم، أما باقي الحقن الوريدية أو العضلية أو الجلدية فلا تفطر ولا تبطل الصيام.

مكروهات الصيام

المكروهات في الإسلام هو ما يطلب تركه في الشرع من دون إلزام وفي الفقه هو العمل الذي يثاب من يتركه ولا يأثم من يفعله، أما المكروهات في الصيام والتي يثاب تاركها فهي: [5]

  1. تذوق الطعام بدون داعٍ: يقول العلامة ابن باز رحمه الله أنه لا حرج في تذوّق الطعام في رمضان وللصائم الرجل وللمرأة ما دام القصد منه التذوق أثناء الطبخ، فتذوّق الطعام ليس من مفسدات الصيام ما لم يدخل شيء منه إلى الجوف، وهو مكروه إذا كان بغير سببٍ.
  2. القبلة واللمس والعناق: من مكروهات الصيام التي يجمع عليها الفقهاء قيام الزوجين الصائمين بالتقبيل واللمس والعناق وإطالة النظر إلى الزوجة بشهوة، وإن كان ذلك لا يبطل الصيام في رمضان، لكنه قد يقود إلى الجماع الذي يبطل الصوم وتجب على الزوجين الكفارة الكبرى مع القضاء.
  3. كل ما يضعف الصائم: قال فقهاء المذهب الحنفي أن كل ما يضعف الصائم كالحجامة والفصد مكروه مع الصيام دون أن يبطله، إلا إذا أمن الصائم على نفسه الضعف لا بأس، عكس الحنابلة الذين قالوا بفساد صيام الحاجم والمحتجم.
  4. كثرة النوم في نهار رمضان: كثرة النوم خلال الصيام من المكروهات عند المالكية، واستدلوا على ذلك بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال فيه: "إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ"، فالمسلم يجب أن يشغل نهار رمضان بالعبادة وقراءة القرآن، أما باقي المذاهب لم تقل بكراهة النوم مع الصيام.
  5. السواك بعد الزوال: يقول المذهب الشافعي دون بقية المذاهب أن السواك مكروه بعد الزوال للصائم، أما قبل الزوال فغير مكروه، والغاية من كراهة السواك للصائم أنه يقطع ريح الخلوف أي رائحة الفم، أما عند بقية المذاهب فلا يكره استعمال السواك في الصيام سواء قبل الزوال أو بعده، ولا يفسد السواك الصيام في الحالين. [6]
  6. الغرغرة والمضمضة: إن المضمضة والغرغرة والاستنشاق لا تفسد الصيام، حتى لو دخل القليل من الماء للجوف بدون قصد، ولكن المبالغة مكروهة، ويجب على الصائم أن يحتاط ويحاول منع نفاذ الماء للحلق، قال صلى الله عليه وسلّم: "بًالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" عن لقيط بن صبرة، أخرجه الترمذي.
  7. الوصال في الصيام: وهو الصيام المتواصل أي عدم تناول الطعام والشراب ليومين أو أكثر، وهو مكروه بإجماع الفقهاء لأنه يضعف الجسم، قال الرسول صلى الله عليه وسلّم: "إيّاكم والوِصالَ، إيّاكم والوِصالَ، إيّاكم والوِصالَ -كذاك عِلْمِي-، قالوا: إنّك تُواصِلُ، قال: إني لَسْتُ كأَحَدِكم، إني أبِيتُ يُطْعِمُني رَبِّي ويَسْقِيني" عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجه البخاري.

ما لا يفسد الصوم لكنه ينقص أجر الصائم

شرع الصوم لتحقيق التقوى، فمن صام بجوارحه عن المفطرات ولم يصم عن الأفعال التي تغضب الله فهو لم يحقق الحكمة من الصيام، ولم يصم صوماً نافعاً، فيذهب ثواب صيام ويحبط أجره، ومن مكروهات الصيام التي لا تفسده لكنها تنقص أو تمحو أجر الصائم:

الأدوية التي لا تبطل الصيام

Exit mobile version