كيف أسامح شخص جرحني وظلمني؟

عندما تتعامل مع الآخرين ومهما حاولت أن تكون لطيفاً ومراعياً للغير ستجد نفسك في بعض المواقف التي تتعرض فيها للظلم ويجرحك شخصٌ ما، قد يكون لهذه الإساءة أشكالٌ مختلفة ودرجات متعددة فقد تأتي على هيئة خيانة من شخصٍ مقرب كصديق أو حبيب أو على شكلٍ سوء تفاهمٍ أدى إلى بعض المشاكل والخلافات.
مهما كان شكل الظلم الذي تعرضت له فهو يترك حتماً جرحاً بداخلك يجعلك تشعر بالألم والحزن وتتعذب من الداخل، ولهذا قد يكون من الصعب عليك أن تُسامح من تسبب لك بهذا الأذى وقد تسأل حتى “لم يجب عليّ أن أسامح وكيف يمكنني أن أسامح أساسا”.

ما هي المسامحة ولم يجب أن أسامح؟

عند التعرض للأذية قد تجد الكثيرون صعوبةً في مسامحة من ظلمهم وقد تقول لنفسك أنك لن تكون قادراً على العفو إطلاقاً وهذا يعود بشكلٍ كبير إلى الفهم الخاطئ للمسامحة، فالمفهوم الشائع للعفو هو نسيان ما حصل والادعاء بأن الألم الناتج لم يكن أمراً جللاً واستعادة العلاقة السابقة ولكن هذا ليس صحيحاً.
العفو بمفهومه الأصح هو أن تختار بنفسك التخلي عن مشاعر الغضب والألم والرغبة في الانتقام، وقد يلي ذلك أن تتقبل فكرة أنّ ما حصل في الماضي أصبح جزءاً من الماضي الآن وتتخطى الأمر.
ما يجب أن تُدركه جيداً هو أنّ العفو ليس شيئاً تقدمه للآخرين بقدر ما هو أمرٌ تُقدمه لنفسك، فالسماح يبدأ من داخلك ويُساعد على إصلاحك من الداخل وشفاء جروحك العاطفية وتخفيف الآلام التي تشعر بها. عندما تعفو عمّن ظلمك وتقول أنّ الأمور بخير فأنت تُزيح عن كاهلك ثقلاً عظيماً وتتخلص من مشاعر متشابكة فتتمكن من متابعة حياتك بقلبٍ خفيف يشعر بالراحة. [1]

كيف أسامح شخص جرحني وظلمني

لا بد أن تعلم أنّه لا يوجد طريقٌ ثابت ومحدد للغفران والصفح ولا يوجد أي خطواتٍ بسيطة يمكنك اتباعها لتغفر لمن آذاك وجرحك، طريق الغفران أياً كان سيكون صعباً ومليئاً بالحزن والغضب وهذا طبيعي فأنت مجروح والألم هو رد فعلك الطبيعي، ولكن عليك أن تتذكر أنّ الغفران هو لك وليس لمن آذاك وفوائده ستعود عليك بشكلٍ أساسي. [4،5]
خلاصة القول أنّه لا يوجد أي إجابة واضحة وصريحة لسؤال "كيف أسامح شخص جرحني وظلمني" ولكن هناك بعض النصائح التي يمكن أن تُساعدك على إيجاد طريقك:

  1. عالج الألم الذي انتابك من هذا الشخص: قد تكون هذه هي الخطوة الأكثر أهمية فلا يمكنك أن تُسامح أحداً على جرح تسبب به دون أن يكون قد التأم. قد يكون الوقت كفيلاً بشفائه في بعض الأحيان وقد تحتاج إلى استشارة شخصٍ مختص كمعالجٍ نفسي وفقاً لحالتك، ولكن الأمر المهم ألا تُحاول إهمال مشاعرك.
  2. توقف عن العيش في الماضي: الجرح والأذى قد حصلا في الماضي وآلماك، ولكن عليك ألا تتوقف هناك وأن تستمر في حياتك.
  3. أعد تواصلك مع ذاتك: حاول أن تستعيد توازنك الداخلي وانسجامك مع ذاتك واجلس وفكر فيما حصل بشكلٍ موضوعي وهادئ، ضع نفسك في مكان الأطراف الأخرى وفكر بما كانت وجهات نظرهم.
  4. خذ وقتك في التعافي: المسامحة والتعافي تتطلب الوقت لشفاء الجروح وتجاوز المشاعر السلبية، لا تضع لنفسك مواعيد نهائية أو تتوقع أنك ستكون قادراً على تجاوز ما حصل بسهولة، دع الوقت يشفي جراحك ويقوي نفسك من الداخل وستصل في النهاية وتكون قادراً على المسامحة.
  5. عبر عن مشاعرك: قد لا يختفي عضبك وألمك تماماً، حتى لو سامحت ولهذا من الضروري كل أن تعبر عن مشاعرك وتتحدث بها لصديقٍ أو شخصٍ تثق به.
  6. ارسم حدوداً جديدة: قد يكون من الجيد أن ترسم بعض الحدود الجديدة في التعامل لأن مسامحتك لشخصٍ ما لا يعني أنّ عليك أن تسمح له بإيذائك من جديد.

مفاهيم خاطئة عن الغفران والمسامحة

قبل أن تُسامح شخصاً ما لا يكفي أن تعرف ما هو الغفران، بل يجب أن تعرف ما هي الأشياء التي لا يتضمنها أيضاً، هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي يعتقد البعض أنّها ترتبط بالغفران ومن أهمها:

فوائد العفو عمن جرحك وظلمك

قد يكون العفو ومسامحة الشخص الذي ظلمك علاجاً فعالاً لكل من روحك وجسدك بالمعنى الحرفي، فعندما تُسامح ستحصد العديد من الفوائد على مستوى الصحة النفسية والجسدية في آنٍ واحد. أهم فوائد العفو عمن جرحك وظلمك وفقاً للدراسات والأبحاث الطبية هي: [2]

الفوائد النفسية لمسامحة الآخرين

تأثير مسامحة الشخص الذي قام بجرحك لا تقتصر على صحتك الجسدية بل تمتد إلى صحتك النفسية، فحيث أنّ العفو هو عملية تبدأ من داخلك وهدفها هو أنت ستنقلك من حالةٍ نفسية إلى أخرى مختلفة تماماً. مسامحة الآخرين يساعد على: [3]

في الختام… يجب أن تعلم أنّ الصفح ومسامحة الشخص الذي آذاك لن يجعلاك شخصاً ضعيفاً يتخلى عن حقوقه، بل شخصاً قوياً قادراً على متابعة حياته فلا يجب أن تدع آلامك توقف مسيرة حياتك وتحولها نحو طريقٍ مظلم.

Exit mobile version