الانطوائية سمة شخصية يتصف بها كثير من الناس حيث يركز الشخص الانطوائي أكثر على المشاعر الداخلية لديه بدلاً من تركيزه على المصادر الخارجية التي يتعرض لها في حياته العامة، وعادةً ما يكون لدى الأشخاص الانطوائيين مجموعة صغيرة من الأصدقاء المقربين لكنهم بالأساس يستمتعون بالعزلة ويحبونها، ومع كل ذلك تبقى هناك تساؤلات عن كيفية تعامل الشخص الانطوائي إن انخرط بعلاقة حب، وكيف ستكون ردّات فعله، وكيف يجب أن يتم التعامل معه حتى يبقى إيجابياً في حدود هذه العلاقة، وهذا تحديداً ما سنعمل على توضيحه في المقال التالي.
علاقة الحب مع شخص انطوائي
عند الحديث عن العلاقة العاطفية مع الشخص الانطوائي فإن هناك من يعتقد أن الشخص الانطوائي يقع في الحب بسهولة وهناك من يعتقد العكس، والحقيقة أن الانطوائيين مثل أي نوع آخر من الشخصيات يقعون في الحب تبعاً لطباعهم وشخصياتهم لكن ما يميزهم أنهم لا يشاركون شعورهم مع كل من حولهم، وقد يخوض في علاقة عاطفية سرية دون أن يعلم أحد من محيطهم إلى أن يقرروا الإعلان عن الأمر وقد يكون ذلك بعد فترة طويلة جداً.
وما يفسر ذلك أن الانطوائيين في الحب ليسوا مثل البقية حيث يستوعبون مشاعرهم بدلاً من مشاركتها ولهذا السبب قد يبدو أنهم يقعون في الحب أسهل من البقية لأنه لا أحد يعلم أفكارهم مسبقاً. [1]
صفات الشخص الانطوائي
إن كنت تميل لحب شخص ولا تعلم إن كان انطوائياً أم لا فهذه بعض الصفات التي يمكن أن تساعدك في تمييز شخصية الفرد الذي تتعامل معه إن كان انطوائياً أم لا: [2]
- يميل إلى العزلة: يحب الانطوائي العزلة بشكل كبير ويسعى كثيراً لأن يكون بمفرده بعيداً عن العالم، كما يعمل الانطوائيون على استعادة نشاطهم وإعادة التوازن إلى حياتهم عن طريق العزلة وقضاء الوقت بمفردهم، ويشعر الانطوائيون بالإرهاق والتعب عند الوجود في تجمعات تحوي الكثير من الناس لأنهم يكرهون الضوضاء.
- لا يبوح بما في داخله بسهولة: كثيراً ما يفضل الانطوائي معالجة أفكاره داخلياً بدلاً من التحدث عنها للآخرين أو أخذ آرائهم فيها.
- غالباً ما يكون شخصية غامضة: القليل جداً من الأشخاص من يعلمون عن الانطوائي بعض المعلومات الشخصية حيث ينتقي بدقة من يريد مشاركة خصوصياته معه.
- يتجنب المواجهة في التواصل: يفضل الانطوائي الكتابة والرسائل النصية وغيرها من أشكال الاتصال الكتابي على التحدث وإجراء المكالمات الصوتية ومكالمات الفيديو، وعند المواجهة قد يفضل الانطوائي التفاعل بإيماءات ذات مغزى مع الشخص الذي يحدثه بدلاً من الرد عليه.
- قد يكتم مشاعره لفترة طويلة: الانطوائيون مقلّون في التعبير عن عواطفهم والإفصاح عنها، حيث يفضلون الكتمان في هذه الحالات على المصارحة.
- يمتلكون عدد قليل من الأصدقاء: يشعر الانطوائيون بالحيوية والنشاط في البيئات الهادئة أو الساكنة والبعيدة عن الضجيج، لذلك غالباً ما يكون لدى الأشخاص الانطوائيين دائرة صغيرة من الأصدقاء المقربين بدلاً من دائرة كبيرة من الأصدقاء.
- شديد الانتباه والتركيز: يميل الانطوائي إلى أن يكون شديد الانتباه ويعالج الأشياء في دماغه ببطء وبتركيز وعلى مستوى عميق من التفكير، كما الانطوائي مستمع جيد ويدقق في تفاصيل وعمق الكلام الذي يقال أمامه وعندما يتعرف على شخص فهو يتعمق في شخصيته ويدرسه بشكل جيد.
الشخصية الانطوائية في الحب
عندما يقرر الشخص الانطوائي الانخراط في علاقة عاطفية فهو قد يفاجئ الجميع بإيجابيته ومن المرجح أن سيميل إلى فعل ما يلي: [1]
- يجبون العلاقات الهادئة: يميل الانطوائيون إلى الراحة في الصمت ولا يحبون الضوضاء أياً كان نوعها سواء كان مضمونها الكلام أو الموسيقى أو صوت التلفزيون ومع ذلك فإن الحب يتغلب على كل تلك الرغبة في الهدوء فيصبح لديهم الاستعداد للانخراط في أماكن الضوضاء مع أقل الخسائر الممكنة بالنسبة إليهم حيث يرون أن التواجد في بيئة منفتحة مشكلة ولكنها تستحق العناء إذا كان ذلك يعني أنهم سيقضون وقتاً مع أحبائهم.
- يفضلون الأحاديث القصيرة: الانطوائيون غالباً ما يميلون إلى الأحاديث القصيرة المختصرة، لكن عندما يقعون في الحب سيسألون من يحبون عن الحياة والحب وسيسألونهم عن مخاوفهم وآمالهم وهواياتهم في أحاديث غير طويلة وصغيرة نسبياً لكنها أكثر حميمية من الأحاديث المملة التي ينخرط فيها الناس عادة، أي أن أحاديثهم تكون محددة أكثر وترمي لفائدة معينة في أذهانهم وهي معرفة الشخص الذي يميلون إليه بعمق.
- شخصية صامتة: قد يصمت الانطوائيون أحياناً أثناء الجلوس مع من يحبون وهذا شيء من طباعهم ولكن مغازلاتهم لهم عادة ما تكون عميقة وذات مغزى لأنهم يبحثون عن المواضيع ذات الاهتمام المشترك مع الطرف الآخر، والقاعدة لديهم أن يقولوا الكلمة اللازمة والفكرة اللازمة.
- يراقبون التفاصيل بعناية: الصمت الذي يتسم به الانطوائيون يجعل منهم في أغلب الأحيان مراقبين رائعين لما حولهم وخاصة إن وقعوا في الحب وبالتالي قد يلاحظون أشياء عن الشخص الذي يميلون إليه أكثر من الآخرين ويتابعون هذه الأشياء باهتمام وحب وعناية وعمق، ويستخدمون هذه التفاصيل لاحقاً لمفاجأة الحبيب وإدهاشه وإسعاده كأن يتذكروا عيد ميلاد من يحبون ويصحبونه إلى مطعمه المفضل ويهدونه شيئاً مفضلاً لديه.
- ليس من السهل أن يثقوا بالآخرين: ربما يستغرق الانطوائيون وقتاً أطول للثقة في الناس، لكن في الحقيقة فإن الشخص الصامت الانطوائي عندما يقع في الحب فهو يمر بعاصفة من المشاعر في ذهنه تستحق منه هذه المدة الطويلة من التفكير، لكن على الطرف الآخر أن يثق أنه في النهاية سيكشف الحبيب الانطوائي كل شيء عن حقيقة مشاعره في الوقت الصحيح، كما أن المنطوي عندما يحب يعمد إلى قول القليل ولكنه يعني ما يقوله بالفعل.
كيف أتعامل مع حبيبي الانطوائي؟
ماذا تفعلين إذا كان حبيبكِ انطوائياً وخجولاً! حتى تكوني حسنة التصرف مع حبيبك الانطوائي اتبعي بعض القواعد البسيطة التي تمكنك من أن تكوني في المنطقة الآمنة من التعامل معه: [1]
- تعرفي إليه أكثر: إن كنت لا تعلمين بعد إذا كان شريكك انطوائياً أم لا، فإن أفضل طريقة لتحديد ذلك هي أن تسأليه عن اهتماماته وما يحب وما يكره وتلاحظي سماته وصفاته إن كانت مما يتسم به المنطوي.
- تقبلي اختلافات حبيبكِ الانطوائي: في كل شيء كالتفكير والاهتمامات واقبليه كما هو، وبما أنك تحبينه فيفترض أن حبك له يتضمن قبولك لشخصيته دون الرغبة بتغييرها كلياً.
- تعلمي أهمية إعطاء مساحة لبعضكما البعض: حيث إن حب الانطوائي ليس بالأمر السهل على شخص بشخصية منفتحة والعكس صحيح، ولكن أحد أفضل الأشياء التي يمكنكِ القيام بها أثناء حب شخص انطوائي هو منحه مساحة شخصية عندما يبدو أنه يحتاج إليها.
- استمعي بشكل جيد إلى حبيبكِ الانطوائي: لأن الاستماع يعني التقدير وهو سيقدّر لك بالمقابل ما تفعلينه لأجله.
- اعملي على التواصل معه بشكل مناسب: وهذا أمر غاية في الأهمية خاصة وأنكما من طبعين مختلفين واهتمامات مختلفة لذا من المهم إيجاد نقاط التقاء مناسبة بينكما ومعرفة ما يحبه كل منكما حتى لا يقع ظلم في العلاقة عليك أو عليه.
- ابحثي عن الأنشطة التي تستمتعان بها كلاكما: وحاولي إيجاد أرضية مشتركة تتضمن الأشياء التي تفعل علاقتكما، فإن هذا ما يدخل المتعة للعلاقة مهما كان بينكما من اختلاف.
- لا تكوني رافضة لطباعه: ولا تظهري وكأنكِ تريدينه بشخصية أخرى بل استوعبيه باختلافاته وصفاته وعيوبه حتى يستوعب هو أيضاً اختلافك عنه.
- تجنبي الضغط عليه: إذا كنت في بداية علاقة عاطفية مع شخص انطوائي فحاولي ألا تحكمي عليه أو تضغطي عليه ليصبح منفتحاً أو يغير من طباعه بل على العكس قدّري ما قد يفعله لأجلك أو ليثير اهتمامك.
- كوني عند توقعاته منكِ: اعلمي أن حبيبك الانطوائي والخجول سيمنحك الوقت والفرصة والمساحة الزمنية والنفسية الكافية والجيدة لتفكري في نفسك وفي العلاقة وهو بالمقابل يتوقع منك الشيء نفسه فلا تخذليه وحاولي أن تكوني على قدر توقعاته وآماله فيك.
كيف تجعلين شخصاً انطوائياً يحبك
عندما تقعين في حب شخص وتكتشفين أنه انطوائي وتريدين أن يبادلكِ المشاعر أو تودين معرفة شعوره نحوك فهذه بعض الإرشادات التي يمكنك اتباعها للفت انتباهه وإدخاله إلى العلاقة التي ترغبين بها: [3]
- كوني مستمعة إليه بشكل جيد وإن قمت بمقاطعته فاعملي على دعوته لإكمال فكرته التي قاطعتها ما يجعله يشعر بأنه محط اهتمامكِ وأنك تهتمين لحديثه.
- إذا كنت تريدين أن تجعلي انطوائياً يقع في الحب أظهري له أن لديكِ هواياتكِ وأصدقائكِ واهتماماتكِ الخاصة وأنه ليس مطلوباً منه ملء أوقات فراغكِ ولستِ من النوع المريض باحتياجاته العاطفية حتى يشعر بالأمان ويعلم أنكِ ستمنحينه مساحته من دون إرغامه على شيء.
- لا مانع من إظهار عيوبكِ أمام الانطوائي الذي تحبين لأنه يحب الصدق منذ البداية ويكره التزييف، وسيكون سعيداً بمصارحتكِ له بكل شيء بدلاً من محاولة استغفاله.
- كل انطوائي لديه رغبة شديدة في أن يتم فهمه فاسأليه عن نفسه باهتمام فهو سيحب ذلك بالتأكيد واحذري من الحديث معه بصيغة الاستجواب.
- اتركي له مساحة جيدة من الحرية وكوني صبورة بالتعامل معه ولا ترغميه على البوح في الوقت الذي تريدينه أنت، فهو سيتكلم لكن بعد أن يتحقق من مشاعره بدقة.
- في بعض الأحيان قد لا يريد الانطوائي التحدث أو الاستماع لأي شيء وإنما يريد فقط أن يجلس في صمت دون أن يشعر بالإحراج منكِ لأنه صامت، بل على العكس أشعريه بالأريحية نعلم أنه لا يوجد شيء محرج في ذلك، وامنحيه المساحة للقيام بذلك.
هل تنجح العلاقة مع شخص انطوائي؟
بالطبع فإن العلاقة مع شخص انطوائي قابلة للنجاح لأن هناك قاعدة عامة في الطبيعة مفادها أن الأضداد تتجاذب، لذا فإن الانطوائيين والمنفتحين يتجاذبون، لكن إلى جانب ذلك التجاذب يجب أن يترافق ذلك مع سعي من طرفي العلاقة لإنجاحها وتقديم التنازلات والمساهمات لجعل العلاقة تسير على الطريق الصحيح. [1]
وفي الختام.. الحب كلمة تدخل كثير من الأشياء في تركيبها والمحبون بشخصيات وطباع مختلفة ولا يكون مطلوباً من أي منهم أن يتنازل عن شخصيته الحقيقية ليرضي الطرف الآخر، لكن التقدير مطلوب من كليهما، وهذا الأمر ينطبق بحرفيته على من ينخرط بعلاقة مع شخص انطوائي، فالانطوائي ليس مريضاً وإنما هذا طبعه، ويجب على من يحبه تقبل هذا الطبع والتعامل معه بالحب المطلوب.