كيف أتعلم ضبط النفس في المواقف الصعبة؟

لا يستطيع الإنسان منا أن يمنع المواقف الصعبة من أن تحدث معه، ولكنه في المقابل يستطيع أن يضبط نفسه في هذه المواقف الصعبة، فكيف أتعلم ضبط النفس في المواقف الصعبة؟ ستجد الإجابة عن هذا السؤال من خلال المقال الذي بين يديك الآن، فأكمل القراءة.

ماذا نعني بالمواقف الصعبة؟

المواقف الصعبة التي نتكلم عنها هنا والتي نحتاج فيها إلى ضبط النفس هي كل موقف يثيرنا ويخرجنا عن طبيعتنا، سواء كان هذا الموقف جيداً أو سيئاً؛ نعم! فالمواقف الجيدة والسعيدة تعتبر أحياناً مواقف صعبة وتتطلب منا ضبط النفس عندما تكون حادة.
فمثلاً عندما يتقدم لكِ الشاب الذي كنت تحبينه سراً بشكل مفاجئ ودون علم منك بذلك فقد تتصرفين بطريقة جنونية تفسد فرحتك، لأنكِ لم تضبطي نفسي في هذا الموقف الصعب؛ فقد تتفوهين بعبارة مثل "وأخيراً أتى، هذا هو الشاب الذي أريده"، فتوقعين نفسك في ورطة مع أهلك أو ربما تحرجين منه هو شخصياً.
بشكل عام نحن نحتاج لضبط النفس دائماً في كل المواقف، وبشكل خاص في المواقف الصعبة التي قد تجرنا لأن نتصرف فيها تصرفات نندم عليها لاحقاً؛ كالمواقف التي تشعرنا بالسعادة العارمة أو الحزن الشديد أو الغضب الشديد أو الخوف الشديد مثلاً.

كيف أتعلم مهارة ضبط النفس؟

تختلف ردود أفعالنا في المواقف الصعبة؛ فمنا من يستطيع ضبط نفسه ومنا من لا يتمكن من ذلك؛ فتراه يفقد صوابه ويتصرف تصرفات غير مسؤولة، فكيف أتعلم ضبط النفس كمهارة حياتية لأضبط نفسي في المواقف الصعبة عندما تحدث معي؟ [1]، [2]

خطوات ضبط النفس في المواقف الصعبة

لقد ذكرنا أعلاه كيفية تعلم ضبط النفس كمهارة بشكل عام، لكن الآن سنخوض في كيفية ضبط النفس في المواقف الصعبة، لنتعلم كيفية التصرف أثناء المواقف الصعبة أي عندما تحدث معنا.

أهمية ضبط النفس في المواقف الصعبة

اكتشف الباحثون مؤخرًا أن نفس الجزء من الدماغ الذي يتحكم في التعاطف يتحكم أيضًا في ضبط النفس، وهو يسمى الموصل الصدغي الجداري الأيمن.
غالبًا ما يستسلم الأشخاص الذين يفتقرون إلى ضبط النفس للسلوك المندفع والعواطف الجياشة، هذا يعني أنهم قد يتخذون خيارات خاطئة تضر بهم وبالآخرين.
تخيل طفلًا صغيرًا يريد شيئًا لكن والداه يرفضان إعطائه هذا الشيء، غالباً سيصرخ ويبكي وقد يرمي نفسه على الأرض؛ فالأطفال لم يطوروا مهارة ضبط النفس بعد، وينطبق الشيء نفسه على الناس من جميع الأعمار.
يعد ضبط النفس مهارة مهمة يجب تطويرها لأن هذه المشاعر نفسها تحدث في أي شخص يشعر أن احتياجاته أو رغباته لا يتم تلبيتها. فالشخص الذي يفتقر إلى مهارة ضبط النفس قد يستجيب بعدة طرق بما في ذلك الغضب والعصبية أو العنف الجسدي على نفسه أو على الآخرين أو عن طريق اللجوء إلى آليات التأقلم غير الصحية كالإدمان على الممنوعات.
وطبعاً كل هذا يفقد الشخص فرصته في التطور الشخصي والمهني والعلاقاتي، ويتعب نفسيته وجسده؛ فتراه هزيلاً ويعاني من اضطرابات في الأكل والنوم ومشاكل في القلب والشرايين وضغط الدم. [2]

ما الفرق بين كتمان العواطف وضبطها؟

في سبعينيات القرن الماضي حدد عالم النفس بول إكمان ستة عواطف أساسية هي السعادة والحزن والاشمئزاز والخوف والمفاجأة والغضب، ثم قام لاحقًا بتوسيعها لتشمل عواطف أخرى مثل الفخر والعار وغيرها، كما تم التعديل على هذه النظرية من قبل علماء آخرين، واتفقوا أن العواطف التي نشعر بها كلها صحية ولها وظائف معينة في أجسادنا، وهي أساسية للعيش؛ فلا يجب كتمانها وعدم الاعتراف بها، لكن علينا أن نديرها وأن نضبطها بالشكل الصحيح وألا نتركها تسيطر علينا. [3]
فمن منا لم يشعر بالحزن جراء وفاة شخص عزيز أو فقدان وظيفة أو لأي سبب كان، فالحزن أمر طبيعي نمر بها جميعاً، لكن لو أنكرناه وعشنا حياة طبيعية دون أن نسمح لأنفسنا بالتفكير ولو لوهلة بحزننا فإننا ندفنه داخلنا ليكبر ويعشعش فينا ويترك علينا آثار صحية ونفسية سيئة كالهلوسة وصعوبة التركيز واضطرابات الأكل والنوم والعلاقات السيئة وغيرها، وإن استسلمنا له فسنعيش حياة تعيسة وينتهي بنا الأمر لاكتئاب شديد ينتج عنه جسد هزيل منهك بلا أكل ولا شرب ولا نوم، وعلاقات سيئة سواء مع أنفسنا أو مع من حولنا، وستتدهور حياتنا بشكل عام بالتدريج.
من هنا يجب علينا أن ندير هذه العواطف ونتعلم ضبط النفس في المواقف الصعبة لنصل لبر الأمان؛ فنحزن لفترة قصيرة ونعطي أنفسنا المجال لنخرج هذا الحزن الذي داخلنا، لكن علينا أن نتغلب عليه ونبدأ بلملمة أنفسنا من جديد، متحلين بالصبر وبالذكاء العاطفي ومستعينين بالروحانيات وبمن حولنا وبنقاط قوتنا كما شرحنا من قبل، وهكذا نخرج من حزننا بالتعبير عنه وإدارته بالشكل الصحيح دون أن نكتمه أو أن نستسلم له.
أي أن علينا أن ندير عواطفنا بشكل صحيح لنتمكن من ضبط النفس في المواقف الصعبة لا أن نكتمها.

هل ضبط النفس يعتبر مهارة متطورة؟

الجدير بالذكر أن ضبط النفس قد يكون مورداً محدوداً يقل مخزونه لديك مع الاستخدام المتكرر أحياناً؛ من هنا نجد أن بعض الأشخاص يفقدون أعصابهم ولا يتمكنون من ضبط أنفسهم بسبب تكرار مواقف صعبة كانوا يضبطون فيها أنفسهم لكن بطريقة خاطئة، فما يفعله هؤلاء فعلياً هو كتمان للعواطف وإنكرار لها وللمواقف الصعبة، فيأتي موقف معين ينفجرون فيه ويبدؤون بالبكاء أو الصراخ أو التصرف بطريقة غير مسؤولة، أو قد تتناقص قدرتهم على التحمل شيئاً فشيئاً. [1]
أما الأشخاص الذين قد تعلموا مهارة ضبط النفس في المواقف الصعبة ويمارسونها بطريقة صحيحة دون إنكار لعواطفهم، فإنهم يطورون هذه القدرة أو المهارة لديهم شيئاً فشيئاً بدلاً من أن يستنفذوها.

Exit mobile version