السلوك الإجرامي في علم النفس وأسباب الجريمة

من المعروف أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وغريزته، وهو يحتاج للعيش ضمن مجموعات يمارس كل فرد فيها وظيفية معينة بما يلبي حاجات الجماعة بشكل عام، ولكن هذا لا ينفي أسباب الخلاف التي قد تحدث بين بعض أفراد هذه المجموعة مع بعضهم البعض أو بين هذه المجموعة ومجموعات أخرى، ومن هنا بالتحديد وبدافع الدفاع عن النفس والمصلحة الشخصية أو الجماعية تتشكل مشاعر العداوة والعدوان التي قد تتطور في ظروف معينة لتنتج شكلاً من أشكال السلوك الإجرامي، وفي هذا المقال سوف نتناول السلوك الاجرامي في علم النفس، ودوافعه وأسبابه وطرق الوقاية منه وعلاجه.

تعريف السلوك الإجرامي في علم النفس

السلوك الإجرامي مسألة متعددة من حيث تعريفها وشرحها، ففي القانون يهدف التعريف لتحديد هوية المجرم ونوع جرمه لتحديد كيفية محاكمته وعقابه، وفي علم الاجتماع يعرف السلوك الإجرامي بأنه خروج أحد أفراد المجتمع عن السياق العام للعادات والتقاليد والأعراف والقواعد الاجتماعية والقوانين السائدة في هذا المجتمع، وفي علم النفس يعرف السلوك الإجرامي بأنه شكل من أشكال التصرفات العدوانية الناتجة عن خلل نفسي أو رغبة بالدفاع عن النفس بدافع غريزة البقاء. [4]
ويمكن تعريف السلوك الإجرامي بأنه أي انتهاك يعاقب عليه القانون للأنظمة أو القواعد القانونية والاجتماعية والعرفية في أي مجتمع، ينتج عنه ضرر على هذه المجتمع أو أحد أفراده أو مرتكب السلوك الاجرامي نفسه، وهنا تختلف درجات السلوك الإجرامي وتصنيفه من حيث درجة الضرر الذي وقع عنه مثل المخالفات والجنح والجنايات.

دوافع وأسباب السلوك الإجرامي في علم النفس

في الواقع يعتبر الأساس النفسي للسلوكيات العدوانية والإجرامية حتى الآن موضوع جدل علمي غير متفق عليه بشكل تام بين المذاهب المتعددة في علم النفس، فمن هذه المذاهب من يرى أن الطبيعة النفسية للإنسان قد تدفعه نحو السلوك العدواني مثل المدرسة التحليلية، ومنها ما يرى أن السلوك الإجرامي سلوك مكتسب يتعلمه الشخص خلال حياته، ويوجد أيضاً من يرى أن بعض الأشخاص يولدون مجرمين بطبعهم، ولكن وبشكل عام توجد بعض العوامل الأساسية المتفق عليها بين الجميع التي قد تسبب السلوك الإجرامي ومنها: [1]

نظريات علم نفس الجريمة

السلوك الإجرامي من المسائل التي لاقت اهتمام واسع لدى مختلف المذاهب العلمية بهدف تحديد العامل الأساسي في تكوين دوافعه وأسبابه لتحديد العلاج الأفضل الذي يقي الفرد والمجتمع من شروره، وهذا ما أنتج العديد من النظريات التي تفسر الأساس النفسي للسلوك الإجرامي، ومن أشهر نظريات علم النفس الجنائي أو علم نفس الجريمة: [3]

  1. النظرية البيولوجية: يعتبر الطبيب العسكري في الجيش الإيطالي سيزار لومبروزو مؤسس هذا الاتجاه في كتابه (الرجل المجرم) الذي يعطي العوامل الوراثية والبيولوجية والتكوين الفيزيولوجي للإنسان الدور الأكبر في تكوين الميل أو السلوك الإجرامي لديه، ويفترض أصحاب هذا الاتجاه في تفسير السلوك الإجرامي أن بعض الأشخاص يولدون وهم يحملون صفات عدوانية إجرامية وقد ذهب أيضاً لومبروزو لافتراض أنه يمكن تحديد نوع الجرائم التي يرتكبها الشخص من خلال دراسة صفاته الجسدية وتكوينه العضوي، وقد صنف لومبروزو المجرمين إلى خمس نماذج من الشخصيات:
    • المجرم بالفطرة أو الميلاد.
    • المجرم بالعادة أو التعلم
    • المجرم المجنون الناتج عن مرض نفسي أو عقلي
    • المجرم بالصدفة بسبب ظروف خارجية.
    • المجرم بالعاطفة. [2]
  2. النظرية النفسية "مدرسة التحليل النفسي": تعتبر مدرسة التحليل النفسي ورائدها الطبيب النمساوي سيغموند فوريد صاحبة الخطوة الأهم في تفسير السلوك الإجرامي من وجهة النظر النفسية والتي تفترض أن السلوك الإجرامي هو عبارة عن تعبير عن صراع نفسي وطاقة غريزية مكبوتة في اللاشعور، فالمتحكم الأول بالسلوك برأي مدرسة التحليل النفسي هو الغرائز المكبوتة في نفس الإنسان وهذه الغرائز يدور معظمها في فلك غريزتين أساسيتين هما (غريزةالحياة الجنسية وغريزة الموت أو العدوان) حيث تهدف كل من هاتين الغريزتين لتحقيق البقاء والاستمرار للكائن البشري وتوجد هاتين الغريزتين في منطقة (الهو أو الليبدو)، وفي بعض الظروف الخاصة مثل حالات الغضب أو الخوف أو المرض النفسي قد تفلت بعض هذه الغرائز من رقابة الضمير الإنساني اللاشعور (الأنا الأعلى) وتخرج إلى الواقع أو الشعور (الأنا) بصورة تصرفات وسلوكيات غير مقبولة اجتماعياً مثل السلوكيات الإجرامية.
    وبالإضافة أيضاً لنظريات أخرى ترتبط بعضها بالعقد النفسية مثل عقدة أوديب وإلكترا المتعلقين بعواطف الطفل تجاه أحد والديه من الجنس الآخر وعلاقته بالآخر، ونظرية أدلر التي تفسر السلوك الإنساني والإجرامي بمشاعر النقص.
  3. النظرية السلوكية "التكيف الاجتماعي": تجه أنصار النظرية السلوكية ورائدها ألبرت باندورا للميل نحو العوامل البيئية المكتسبة في تكون السلوك الإجرامي أكثر من العوامل الوراثية أو الفطرية، فالسلوك الإجرامي من وجهة نظر السلوكية هو عمل يتعلمه المجرم من خلال النماذج التي يمر بها، ويتوطد هذا السلوك من خلال التعزيز الإيجابي المتمثل في بلوغ بعض الأهداف من خلاله، وبحسب ألبرت باندورا فقد يتعلم الطفل السلوك الإجرامي من خلال ثلاثة نماذج أساسية يتمثل الأول بالأسرة والثاني بالمحيط الاجتماعي والثالث بوسائل الإعلام.

علاج السلوك الإجرامي "العلاج النفسي والاجتماعي"

يمكن تشبيه السلوك الإجرامي بالمرض الذي يضر بالجسد الاجتماعي أو أحد أو بعض أعضائه، ويؤدي للعديد من أشكال الألم والمآسي الشخصية والاجتماعية ومن الضروري إيجاد أفضل الطرق للوقاية من هذا المرض وعلاج نتائجه، ويمكن من خلال بعض الطرق علاج أسباب هذا المرض والوقاية منها، ومن طرق محاربة السلوك الإجرامي على المستوى النفسي والاجتماعي والقانوني يمكن ذكر:

تصنيف أنواع الجرائم في علم النفس

تعتبر مسألة تصنيف الجرائم وأشكالها وأنواعها مسألة معقدة ومتشعبة إلى حد كبير، حيث قد تصنف على أساس قانوني وهنا ينصب الاهتمام على العقوبات التي تقع على كل نوع من الجرائم ووسائل محاربتها وردعها، وقد تصنف الجرائم بحسب الضرر التي توقعه ومدى خطورتها، وقد تصنف على أساس اجتماعي حسب المعايير والقواعد الاجتماعية التي تنتهكها هذه الجريمة، وهنا سوف نتحدث عن أنواع الجرائم من وجهة النظر النفسية بحسب الدافع لارتكابها، ومن هذه الجرائم:

Exit mobile version