الفرق بين الاضطرابات العصابية والاضطرابات الذهانية

كثيراً ما قد يحدث خلط بين أعراض الأمراض النفسية والعقلية والعصبية من حيث تصنيف اضطراب معين ضمن واحدة من هذه الفئات، وهذا الخلط يقود إلى التشخيص الخاطئ وبالتالي التعامل الخاطئ مع المريضين بأحد أنواع هذه الاضطرابات، وعادة ما ينتج هذا الخلط عن الفهم الخاطئ لطبيعة المرض أو الاضطراب النفسي وقلة الثقافة حول هذا الموضوع، ومن الأمثلة على ذلك الاضطرابات العصابية والاضطرابات الذهانية، التي سوف نتحدث عنها في هذا المقال ونضيء على الفروق بينهما.

تعريف الاضطرابات العصابية

الاضطرابات العصابية Neurotic disorders وتسمى أيضاً الاضطرابات النفسية الجماعية، وهي نوع من الاضطرابات العقلية العاطفية التي تسبب عدم استقرار عاطفي وشعوراً بالضيق والعجز عن الأداء، وتتميز بمشاعر التعاسة والاكتئاب.
هذه الاضطرابات قد تؤدي لإعاقة أداء الشخص المصاب في مجال معين من الأعمال أو في شؤونه الاجتماعية أو علاقاته، ولكن هذه الإعاقة لا تعتبر شديدة لدرجة إعاقة الشخص بشكل تام أو فقدان الإحساس بالواقع وإدراكه؛ على غرار الاضطرابات الذهانية، وكان يعتقد قديماً أن الأمراض العصابية مرتبطة بالجهاز العصبي، ويوجد وجهة نظر تصنف الاضطرابات العصابية على أنها درجة سطحية أو خفيفة من الذهان. [1]

تعريف الاضطرابات الذهانية

الاضطرابات الذهانية Psychotic disorders والذهان هو اضطراب عقلي يمثل خلل في اتصال الإنسان بالواقع والمحيط، وهناك وجهة نظر تعتبره سبباً أو نوعاً من اضطرابات الشخصية الفصامية، لكن في الواقع أن حالة الذهان الفصامي تسبب فصام عقلي وليس شخصي ناتج عن الأوهام والهلوسة ويشمل طيف من الأعراض غير الطبيعية للتفكير المنطقي والإدراك والانفصال عن الواقع، مثل حالات الهلوسة والأوهام وصعوبة التفاعل مع المحيط وصعوبة أو إعاقة تامة عن القيام ببعض الأشياء في أكثر من مجال، عدم القدرة على تمييز الواقع عن الخيال، تخيل ورؤية أشياء أو سماع أًصوات غير موجودة، والعديد من الأعراض الأخرى، ويربط البعض بين أعراض الذهان ووجود خلل معين في الإشارات الكيميائية والكهربائية في الدماغ. [3]

 أنواع الاضطرابات العصابية

تكمن أهمية معرفة أنواع كل من الاضطرابات العصابية والاضطرابات الذهانية في التفريق بين أي عارض نفسي أو عقلي ضمن أي من هذين الصنفين، بناء على طبيعة هذه الأعراض وتناسبها مع نتائج أو آثار أي من هذين النوعين من الاضطرابات، وتشمل أنواع الاضطرابات العصابية ما يلي: [1-3]

أنواع الاضطرابات الذهانية

أعراض الاضطرابات العصابية

بينما يمكن شرح أعراض الاضطرابات العصابية على أنها مشكلة مرتبطة بالحالة المزاجية للمصاب واستقراره العاطفي والنفسي، فالاضطرابات الذهانية تختلف من حيث شدة الأعراض المتشابهة مع العصاب من جهة، بالإضافة لشمول أعراض مرتبطة بإدراك الواقع والشعور به من قبل الشخص المصاب من جهة أخرى، وعلى هذا الأساس يمكن ذكر بعض أعراض كل من الاضطرابات العصابية كما يلي: [2-3]

أعراض الاضطرابات الذهانية

 أسباب الاضطرابات العصابية

بالحديث عن العوامل المتسببة بالأمراض العقلية والنفسية تجدر الإشارة لأن هذه العوامل غالباً ما تكون تقريبية أو مفترضة أو مساهمة بالتداخل مع عوامل أخرى في نشوء أو تطور هذا الاضطراب أو ذلك ومرتبطة بالحالات الفردية لكل شخص وباختلاف وجهات النظر العلمية وليست قطعية ونهائية في جميع الحالات، وعلى هذا الأساس يمكن تلخيص بعض العوامل التي تساهم أو تؤثر في نشوء وتطور الاضطرابات العصابية كما يلي: [2-3-4]

أسباب الاضطرابات الذهانية

 علاج الاضطرابات العصابية والاضطرابات الذهانية

غالباً ما تتشابه مناهج العلاج بشكل عام للاضطرابات العصابية والذهانية ويكمن الفرق في الحالات الفردية حيث يتم استخدام وسائل وطرق مختلفة مع معظم أشكال هذه الاضطرابات ولكن تبقى هذه الوسائل ضمن السياق العلاجي العام، بمعنى أنه قد يتم استخدام العلاج النفسي والدوائي في حالة معينة ويتم التركيز أكثر على العلاج الدوائي بينما يستخدم نفس الأسلوب مع حالة أخرى مع التركيز أكثر على العلاج النفسي
والجدير بالذكر أن علاج هذا النوع من الاضطرابات لا يعتبر علاج نهائي يستأصل المرض بشكل نهائي ويشفي المريض تماماً، وإنما هو عملية تعامل مع المرض من جهة والسيطرة على أعراضه وتخفيف أثرها من جهة أخرى وترك الشفاء التام لعامل الزمن وظروف المريض وتجاربه المساعدة، ومن هنا يمكن شرح وسائل العلاج للاضطرابات الذهانية والعصابية كما يلي: [4-5-6]

  1. العلاج النفسي للاضطرابات العصابية والذهانية: الذي يتضمن منهج التحليل النفسي لعلاج الاضطرابات العصابية الذي يقوم على مساعدة المريض على إدراك الدوافع والمشاعر والذكريات المتصارعة في وجدانه وفهم وتحليل التجارب المؤلمة التي مر بها، وبالتالي تمكين المريض من تنمية شخصيته وتجاوز مشكلته من خلال فهم أعمق لها ولذاته.
    أما بالنسبة لمريض الذهان فيهدف المنهج النفسي لتقدير حالة المريض ونوع مرضه ودرجة وعيه به ومساعدته في فهم أسبابه وإقناعه بضرورة العلاج وتعديل سلوكه ليصبح أكثر ملائمة مع السلوك الطبيعي من خلال الدعم النفسي.
  2. التعريض التدريجي للمشكلة: فعندما يكون المريض يعاني من رهاب معين أو فوبيا مثل فوبيا المرتفعات يمكن تعريضه بشكل تدريجي لمرتفعات متفاوتة بشكل آمن والوقوف إلى جانبه ليتكون لديه إدراك أنه لا مشكلة في هذه المرتفعات عندما تكون مؤمنة.
  3. نمذجة السلوك: الذي يقوم على تعليم المريض من خلال الاقتداء والتقليد ويستخدم خاصة مع الأطفال، ففي الحالات العصابية يمكن تعليم المريض تقليد السلوك المرغوب والاعتياد عليه للتخلص من السلوك المرضي وخاصة في حالات الوسواس القهري، أما في حالات الاضطرابات الذهانية يمكن استخدام هذا الأسلوب لعلاج إعاقة أو عجز المريض عن القيام ببعض الأفعال من خلال التدرب على تقليدها لتصبح جزء من مهاراته الاعتيادية.
  4. العلاج المعرفي السلوكي: ويقوم هذا المنهج على مناقشة الأفكار والتصورات مع الشخص المريض عن حالته المرضية، وطرح التساؤلات والتفسيرات بشكل أكثر واقعية يساعد المريض على إدراك حالته وتنمية قدرته على مواجهتها والتعامل معها ويظهر هذا الأسلوب نجاحاً أكبر مع حالة الاضطرابات العصابية كون المريض فيها لا ينفصل عن الواقع، أما في الاضطرابات الذهانية فيستخدم هذا الأسلوب في الحالات الخفيفة أو المراحل النهائية للعلاج.
  5. العلاج الطبي للاضطرابات العصابية والذهانية: وهو الذي يستخدم من قبل الأطباء النفسيين مثل الاعتماد على الأدوية والمؤثرات العقلية مثل مضادات القلق والاكتئاب والذهان والعلاج بالصدمات الكهربائية ومؤخراً يوجد تجارب على العلاج بالإبر الصينية، والعلاج الطبي بشكل عام هو نوع من العلاج المساعد الذي يجب أن يترافق مع العلاج النفسي.
  6. العلاج الاجتماعي للاضطرابات العصابية والذهانية: يهدف هذا العلاج إلى مساعدة محيط الشخص المريض وخاصة الأسرة على التعامل بشكل صحيح معه من جهة، وتحسين سلوك المريض في التعامل مع الآخرين ودمجه مع المجتمع ومراقبة أدائه وعلاج حالات الانتكاس، وهذا النوع من العلاج ضروري في المراحل النهائية سواء لمريض العصاب أو الذهان.
    وغالباً ما يستخدم المعالجون مزيجاً بين هذه الأساليب جميعها تبعاً لنوع الاضطراب ولحالة المريض الفردية.
Exit mobile version