أسباب وعلاج الخيانة في الحب والعلاقات العاطفية

تجربة الخيانة في الحب والعلاقات العاطفية من التجارب القاسية بكل تأكيد، لكننا ننظر إليها كتجربة منخفضة التكاليف قد تحمي من زواجٍ فاشلٍ ومن خسائر كبيرة مقارنةً بالخيانة الزوجية، ومن المهم النظر في أسباب الخيانة في الحب وتأثيرها، والتعامل مع ألم الخيانة في الحب بالطريقة الصحيحة لبناء علاقات أفضل في المستقبل، أو حتى تحسين العلاقة نفسها في حال الاستمرار والمسامحة.

تعريف الخيانة في الحب

يمكن القول أن الخيانة في الحب هي دخول الشريك في علاقة عاطفية أو جنسية مع طرف ثالث مع استمرار العلاقة الأولى، ويمكن توسيع مفهوم الخيانة في الحب ليشمل الكذب والخداع والتهرب من الارتباط بنيّة مسبقة لعدم تتويج الحب بالزواج، كما أن الخيانة في الحب قد تكون بعد الزوج في حالات الزواج عن حب، والاختلاف الجذري بين الخيانة في الحب والخيانة الزوجية هو طبيعة الرابط بين الشريكين ونوعية الالتزام.

أنواع الخيانة في الحب

قد يختلف تحديد ما يعتبر خيانةً من شخص لآخر مع الاتفاق على بعض الأنواع الأساسية التي تعتبر بلا شك خيانةً في الحب، منها:

أسباب الخيانة في الحب والعلاقات العاطفية

قد تختلف أسباب الخيانة في الحب باختلاف نوع الخيانة والدوافع الشخصية الخاصة لكل فرد، لكن مع ذلك يمكن تحديد بعض أكثر الأسباب شيوعاً للخيانة في الحب على الشكل التالي:

  1. نهاية الحب والعاطفة: قد تكون الخيانة في الحب من العلامات المبكرة على نهاية الحب وفتور العاطفة بين الشريكين، وربما يكون سبب استمرارهما معاً هو الاعتياد أو ارتباطهما أمام الناس أو الأمل باستعادة الحب مرة ثانية، لكن كل هذه التفاصيل لا تقلل من ألم الخيانة في الحب ومن وصفها كجريمة عاطفية بحق الشريك.
  2. لا يوجد حب من الأساس: أيضاً الخيانة مؤشر على الحب الزائف والكذب في المشاعر، وعلى الرغم أن الخيانة قد لا تعبّر دائماً عن غياب الحب خاصّة عند الرجل، لكنها في معظم الأحوال تشير إلى وجود مشكلة حقيقية في العلاقة وتزييف في المشاعر بشكلٍ أو بآخر.
  3. الشعور بالحرية وانخفاض الالتزام: من الأسباب المهمة للخيانة في الحب شعور الطرف الخائن بقدر أقل من الالتزام وقدر أكبر من الحرية مقارنةً بالزواج، فالالتزام في العلاقة العاطفية التزام شفوي أخلاقي وعاطفي، لا يترتب عليه نتائج قوية مثل الزواج، لا يوجد أسرة ستنهار ولا فضيحة ولا أطفال ولا تكاليف مالية …إلخ، وقد صنَّف علماء النفس انعدام العواقب كأهم أسباب الخيانة، اقرأ مقالنا عن أسباب الخيانة الزوجية في علم النفس من خلال النقر هنا.
  4. استكشاف الذات والفرص! حيث يسعى الطرف الخائن إلى استكشاف فرص جديدة للارتباط، وربما يعتقد أنه بحاجة لعلاقة مختلفة تساعده على فهم رغباته واحتياجاته المستقبلية، وحالة عدم التأكد من الحالات الشائعة في العلاقات العاطفية المتوترة، والتي تدفع أحد الشريكين للبحث عن علاقة جديدة بالتزامن بهدف المقارنة!
  5. الدافع الجنسي للخيانة: في المجتمعات المحافظة لا تعتبر العلاقة العاطفية مبرّر لإقامة علاقة جنسية كاملة أو حتى شبه كاملة قبل الزواج، وهذا قد يكون محركاً لأحد الشريكين لإشباع الرغبات الجنسية التي تتقد بسبب العلاقة العاطفية نفسها، وخوف كل طرف من سوء ظن الطرف الآخر إن طلب العلاقة الجنسية قبل الزواج يدفعه للبحث عن خيارات أخرى.
  6. الانتقام: الانتقام في الحب من أكثر الدوافع قوّة للخيانة، ولا يكون الانتقام بالخيانة رداً على الخيانة بالضرورة، بل قد يكون انتقاماً من إساءة المعاملة أو الإهمال العاطفي أو الخداع …إلخ. [1]
  7. الرغبة بإنهاء العلاقة: لأسباب عديدة قد يرغب أحد الشريكين بإنهاء العلاقة، فيعتقد أن الخيانة ستسرِّع إنهاء العلاقة من جهة، وستضمن وجود بديل من جهة أخرى!
  8. لا يدرك أنها خيانة فعلاً: ما عدا الخيانة الجسدية الكاملة قد لا يدرك أحد الحبيبين حدود الخيانة في الحب، أو ما يعتقد الطرف الآخر أنه خيانة، قد يظن أن المغازلة أو محادثة على مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر خطأ عابر وليست خيانة، أو إخفاء بعض الحقائق عن الماضي هو تصرف خاطئ وليس جريمة، لكن من يحدد الخيانة في الحب هو الطرف المخدوع وليس الطرف المخادع!
  9. ضغط الأقران: في الزواج يكون الأشخاص أقل تأثّراً بضغط محيطهم الاجتماعي من أصدقاء ومعارف، لكن في الحب والعلاقات العاطفية قد يخضع أحد الشريكين لضغط الأقران وتجريب أمور جديدة أو نصائح طائشة، ولا ننسى هنا أن هناك ما هو مغرٍ في الخيانة، فهي تجربة تكسر المحظور وتخلق تحديات تزيد من تقدير الذات على المدى القصير.
  10. سمات الشخصية والمشاكل النفسية: هناك العديد من السمات الشخصية والاضطرابات النفسية التي تتصل بالخيانة، على رأسها اضطراب الشخصية النرجسية واضطرابات المزاج والاضطرابات التي تؤثر على السيطرة الانفعالية وتسبب الاندفاع، وقد ناقشنا الاضطرابات النفسية المرتبطة بالخيانة بمقال تفصيلي يمكنكم مراجعته من خلال النقر هنا.

هل الخيانة دليل على عدم الحب؟

نظرياً يمكن القول ببساطة أن الخيانة دليل دامغ ومباشر على عدم الحب، لكن عملياً ترتبط الخيانة بالكثير من العوامل والظروف والدوافع التي تجبرنا على إعادة النظر بالعلاقة بين الخيانة ووجود مشاعر حقيقية وصادقة لدى الطرف الخائن.
لا تعني الخيانة دائماً عدم الحب أو انخفاض المشاعر العاطفية، فهي كما رأينا ترتبط بالدافع الجنسي وبانخفاض الالتزام أو غياب العواقب، قد تتعلق بشخصية الفرد وعدم قدرته على السيطرة الانفعالية أو عدم قدرته على اتخاذ قرارات حكيمة في وقت مناسب، بل أن الخيانة قد تكون طريقة يحاول فيها العاشق الولهان التعوّد على وجود أشخاص آخرين في حياته ومواجهة التعلّق المرضي والقلق من الفراق والهجران.
أيضاً يمكن أن تتزامن الخيانة مع الحب الصادق عندما يعاني الطرف الخائن من مشاكل احترام الذات، فيميل إلى إثبات ذاته في علاقات متعددة دون أن تنخفض مشاعره تجاه العلاقة الرئيسية. [2]
هذه النقاط تجعلنا نقرّ أن الخيانة ليست دليلاً حقيقياً على عدم الحب أو موت الحب بين الشريكين، وتقودنا أيضاً لسؤال أهم؛ هل الخيانة سبب لإنهاء علاقة الحب؟ والجواب هنا هو نعم دون تردد، وعلى الخصوص الخيانة المتكررة لأنها غالباً ما تشير إلى دوافع مستقرة ستدفع الشريك دائماً إلى الخيانة، وخيار التسامح والمسامحة هو خيار شخصي.

ونستذكر هنا ما قاله الدكتور عبد الرحمن ذاكر في حلقة له على حِلّوها tv، حيث يرى الدكتور ذاكر أن الخيانة هي خيانة للذات بالدرجة الأولى وليست خيانة للآخر، هي خيانة للمبادئ والقيم الأخلاقية وخيانة للعهد الذي يقطعه الإنسان على نفسه، ترتبط بالشخص الخائن بالمقام الأول وإن امتد تأثيرها للشريك.
وهذا يدعم رأينا أن الخيانة ليست مقترنة دائماً بالمشاعر العاطفية ولا حتى بالسعادة في العلاقة، وإنما ترتبط بأسلوب التفكير والسمات الذاتية والعديد من العوامل الأخرى، شاهد حلقة الدكتور عبد الرحمن ذاكر عن أسباب وعلاج الخيانة من خلال النقر على هذا الرابط.

ألم الخيانة في الحب

يكاد ألم الخيانة في الحب يكون مماثلاً لألم الخيانة في الزواج، وما يختلف أكثر هو تأثير الخيانة على الشريكين سواء استمرت العلاقة أم انتهت، وذلك أن الخيانة في العلاقة العاطفية تنهي معظم الروابط بين الشريكين، لكن في الزواج هناك روابط لا يمكن إنهاؤها مثل الأطفال وتداخل القضايا المالية والصورة الاجتماعية وغيرها.

إذا كنت -أو كنتِ- قد تعرضت للخيانة في الحب فيجب أن تتعرف إلى ألم الخيانة والذي قد تختبره على النحو التالي:

علاج الخيانة في الحب وتجاوز الصدمة

فوائد الخيانة في الحب

هل تظن أن هناك فوائد للخيانة في الحب! نعتقد أن الخيانة في العلاقات العاطفية على الرغم من قسوتها إلّا أنها تجربة مهمة تمنحنا بعض الخبرات الجديدة وتقدم لنا خدمة جليلة أحياناً؛ فكّر بهذه الفوائد الأربعة للخيانة في الحب:

  1. خيانة مبكرة تعني خسائر أقل، مجرد المقارنة بين الخيانة في الحب والعلاقات العاطفية والخطوبة من جهة، والخيانة بعد الزواج من جهة أخرى، سنجد أن الخيانة في الحب تحمينا من الخسائر الجسيمة للخيانة المتأخرة، وتجعلنا نتخذ قراراً مبكراً بتعديل اختيارنا الخاطئ قبل أن يكون هناك بيت مشترك وأطفال وأسرة، بل أن الخيانة في بداية الزواج تسبب خسائر أقل من الخيانة بعد عشر سنوات، وهكذا.
  2. الخيانة في الحب تساعد على اكتشاف الذات، ليس فقط من خلال إدراك مشاعرنا وكيفية السيطرة عليها والتحكم بها والنهوض من الأزمة؛ وإنما اكتشاف النقاط التي جعلتنا نقع ضحية مع شخص خائن، وربما حتى اكتشاف بعض العلامات المبكرة للخيانة التي تفيد في العلاقات المقبلة.
  3. الخيانة في الحب تخلق توازن في العلاقات المقبلة، حيث نتخلى عن التضحية بدون مقابل على منهج الحب الوردي؛ ونهتم أكثر بالتوازن في العطاء والتكافؤ مع الشريك.
  4. تعالج قلق الانفصال، شريطة أن نستطيع النهوض سريعاً من مشاعر الحزن ونقدر على تطبيب ألم الخيانة بطريقة جيدة وفعّالة.
Exit mobile version