ممارسة العادة السرية في مكان العمل

قد تبدو فكرة ممارسة العادة السرية في مكان العمل غريبة للوهلة الأولى، لكن هناك نسبة لا بأس بها من الموظفين الذكور والإناث الذين يلجؤون إلى ممارسة العادة السرية في أماكن العمل، وهناك الكثير من الأسباب التي تقف وراء هذه الممارسة والتي غالباً ما ترتبط بأسباب غير جنسية.
تعرَّف معنا أكثر إلى أعراض إدمان العادة السرية وأسباب ممارستها، لماذا قد يمارس أحدهم العادة السرية في مكان العمل، وكيف يمكن التخلص من ممارسة العادة السرية في العمل.

هل من الشائع الاستمناء بمكان العمل؟

من الصعب فعلياً الإجابة عن هذا السؤال؛ لأن الموظفين والعاملين الذين يمارسون العادة السرية في مكان العمل غالباً لا يرغبون بالاعتراف بذلك!، فهذا لا يجعلهم يبدون كأشخاص مستهترين بعملهم وحسب؛ بل كأشخاص شهوانيين أيضاً!.
في مسح أجراه موقع Time out على مجموعة من الموظفين، أفاد 35% منهم أنهم مارسوا العادة  السرية في مكان العمل[1]، وكان ذلك لأهداف وأسباب مختلفة ليست جنسية بأغلبها، بل من باب مواجهة الملل أو التغلب على الضغط والتوتر.
ونتيجةً لهذا المسح وغيره من المسوح غير الرسمية لممارسة العادة السرية في العمل تم طرح قضية ممارسة العادة السرية في مكان العمل كممارسة مفيدة للموظفين، حيث يعتقد مؤيدو هذا المذهب من الخبراء النفسيين أن ممارسة العادة السرية في مكان العمل تساعد الموظفين على الاسترخاء والتخلص من الضغط والإرهاق والتوتر[2].
يبدو أن هذه الدعوات لممارسة العادة السرية في مكان العمل لقت رواجاً كبيراً لدى الموظفين الذين يسعون بطبيعة الحال لتحقيق أقصى درجة من ضبط النفس بمواجهة مدير شرير مثلاً، أو التخفيف من روتين العمل، أو حتى بالحصول على فاصل جنسي منشط!.
لكن على الجانب الآخر هناك من وجد في ممارسة العادة أثناء العمل مشاكل كبيرة، ترتبط بشكل أساسي بالنظافة وانتقال العدوى والأمراض الجنسية بين الموظفين، فلا يمكن ضمان أن يحافظ الموظف الذي يمارس العادة السرية في حمام الشركة على نظافته الشخصية بعد الانتهاء، بل ربما يتجه مباشرة إلى مكتبه![3].

أسباب ممارسة العادة السرية في العمل

لماذا قد يقوم أحدهم بممارسة العادة في العمل؟
أكثر من ثلثي يوم الإنسان المنتِج بين العمل والنوم، حيث يقضي معظمنا أكثر من 16ساعة بأحسن الأحوال بين العمل والنوم دون احتساب وقت الطعام والتنقلات والوقت الضائع، لذلك فليس من الغريب من الناحية النظرية أن نجد بعض الموظفين يمارسون العادة السرية في مكان العمل.
نحن هنا لا نقول أنهم لا يجدون متسعاً من الوقت خارج العمل!، بل نقول أن العمل هو المكان الذي يعيشون فيه الجزء الأكبر من يومهم، بالتالي لن يكون من المستغرب أن تجد الكثير من الممارسات العجيبة التي يقوم بها الموظفون في مكان العمل ومنها ممارسة العادة السرية.

أما عن دوافع ممارسة العادة السرية في مكان العمل فهي قليلة وواضحة:

  1. الملل دافع مهم لممارسة العادة السرية: يبدو أن الملل واحد من أهم دوافع ممارسة العادة السرية في مكان العمل، حيث تساعد ممارسة العادة السرية بعض الأشخاص على استعادة الطاقة المفقودة نتيجة الأعمال الرتيبة أو العمل بشكل منفرد أو النوبات الليلية الباردة والخالية من الأنشطة كأعمال الحراسة والمراقبة ونحوه[4].
  2. التغلّب على التوتر والضغط: يبتكر الموظفون أساليب عديدة لمواجهة الإرهاق الوظيفي أو التشتت والتوتر، بعضهم يخرجون إلى  الهواء الطلق، بعضهم بفضل الاستماع إلى موسيقا صاخبة أو هادئة، البعض يحصل على إجازة لبقية اليوم، والبعض يحصل على جولة قصيرة في الحمام!.
    وهذا الاختيار -أي ممارسة العادة السرية لمواجهة التوتر- ليس اختياراً عبثياً، حيث تساعد الأنشطة الجنسية المختلفة على تخفيف التوتر بشكل مؤقت، وهذا أحد أهم الأسباب التي تجعل الرجال خاصة متمسّكين بممارسة العادة السرية حتى  بعد الزواج، اقرأ مقالنا عن ممارسة الزوج للعادة السرية.
  3. العادة السرية بدافع الغضب: في سياق متصل قد يجد الموظفون أنفسهم أمام مواقف محرجة أو مثيرة للغضب تجعلهم يلجؤون إلى العادة السرية كحل سريع للتهدئة، خاصة عند الشجار مع المدير أو التعرض لسوء المعاملة، وهذا السلوك نفسه الذي يتبعه المراهقون في مواجهة الكثير من المشاكل، حيث يلجؤون للعادة السرية عند الشعور بالغضب والضغط الكبير.
  4. إدمان المواد الإباحية وإدمان العادة السرية: في حال كان الموظف يعاني أصلاً من إدمان العادة السرية أو إدمان مشاهدة المواد الإباحية؛ فلن يستطيع كبح نفسه عن ذلك في مكان العمل أو في أي مكان أخر، ونجد أنه من المفيد هنا الحديث قليلاً عن إدمان العادة السرية في الفقرة القادمة.

أسباب ممارسة وإدمان العادة السرية

يمكن القول أن النسبة العظمى من البشر يمارسون العادة السرية بانتظام في فترة ما من حياتهم، وهي على الأغلب فترة البلوغ لدى الجنسين، كما يستمر الكثيرون بممارسة العادة السرية حتى بعد الرشد، وحتى بعد الزواج[5]، ذلك أنَّ العادة السرية ترتبط لدى معظم الرجال خصوصاً بأمور أبعد من الشهوة والرغبة الجنسية.
وفي بداية تعرُّف الشاب أو الفتاة على العادة السرية تكون جزءاً من إدراكهم للحياة الجنسية والشعور بالنشوة الجنسية والاستراحة بعد التوتر الجنسي، لكن مع الوقت تأخذ العادة السرية طبيعة مختلفة قليلاً، فعلى الرغم من كونها ممارسة جنسية صرفة، إلا أن تأثيرها على المزاج يجعلها أسلوباً لتجاوز الضغوطات النفسية والتغلب على القلق في كثير من الأحيان.

إدمان العادة السرية
كما أن هناك الكثير من العوامل التي تسبب إدمان العادة السرية، بعضها يكون ذا طبيعة جنسية مثل الكبت أو عدم وجود علاقة جنسية كاملة أو حتى عدم الرضا عن العلاقة الزوجية، وبعضها يكون ذا طبيعية غير جنسية مثل التوتر الزائد والمعاناة مع قلق النوم وغيرها من المشاكل التي تجعل أحدهم يبالغ بممارسة العادة السرية إلى أن تتحول لإدمان سلوكي.

وتشخيص إدمان العادة السرية شأنه شأن أنواع الإدمان السلوكي المختلفة يخضع لعدد من الضوابط أبرزها:

كيف تتغلب على العادة السرية

وجهة نظر الطب النفسي التي لا جدال بها أن كل سلوك لا يسبب لصاحبه شعوراً بالضيق، أو تراجعاً في أدائه الوظيفي والاجتماعي، أو ضرراً صحياً مشخّصاً؛ لا يمكن النظر إليه كمرض أو اضطراب، وتنتمي العادة السرية إلى هذه الفئة ما دامت بعيدة عن الإدمان السلوكي وفق المعايير التي ذكرناها، ولو كانت العادة السرية اضطراباً نفسياً لكانت بلا شك أكثر الاضطرابات شيوعاً!.
فيما تدل ممارسة العادة السرية في مكان العمل بشكل منتظم ودائم أو شبه دائم على وجود مشكلة، فإما أن يكون الموظف واقعاً تحت ضغط كبير في مكان العمل، وإما أن يعاني من الإدمان السلوكي على العادة السرية والمواد الإباحية، وفي الحالتين يجب عليه طلب المساعدة لإيجاد طرق أكثر فاعلية بمواجهة مشاكل العمل أو مواجهة إدمان العادة السرية.

تقول الخبيرة النفسية في موقع حلوها ميساء نحلاوي في إجابتها على سؤال شاب يعاني من إدمان العادة السرية: "الحل هو أن تشغل نفسك دوماً بما يعود عليك بالنفع وتمارس الرياضة بانتظام، مع الوقت والإرادة ستستطيع التغلب على هذه العادة. اختلط بعائلتك ولا تبقى وحيداً، واشترك بنشاطات اجتماعية وثقافية هادفة، واجتهد في دراستك وعملك وتعلق بهواية، كل هذه الأمور ستخفف من تركيزك على العادة ستسيطر عليها مع الوقت".


قد يعتقد البعض أن طرح قضية ممارسة العادة السرية في مكان العمل لا ضرورة له؛ فيما تشير البيانات المتوفرة لدينا والتي ذكرناها في هذا المقال أن هذه الممارسة أكثر شيوعاً مما نعتقد، وقد يعتقد البعض أن دعوة بعض الخبراء النفسيين لممارسة العادة السرية في العمل قد يجعل الإدارات -في المجتمعات الغربية خصوصاً- متسامحة مع هذه الممارسة، لكن الحقيقة أن هناك العديد من القصص المشهورة لطرد موظفين ومن قدامى الموظفين بسبب ممارستهم العادة السرية في مكان العمل.

Exit mobile version