أسباب الرغبة بمشاركة وتبادل الزوجات في علم النفس

ليس تبادل الزوجات سلوكاً حديث العهد أو مرتبطاً بتطور العالم الحديث كما يحاول البعض أن يصوِّره، بل أن الرغبة بمشاركة الزوجة مع رجل آخر أو الانخراط مع الزوجة في جنس جماعي تعتبر واحدة من أكثر الرغبات الجنسية شيوعاً بين الرجال ومن أقدمها.
لكن ما هو الأصل النفسي للرغبة بتبادل ومشاركة الزوجة؟ وما هي الصفات النفسية للشخص الديوث؟ ثم ما هي أنماط تبادل ومشاركة الزوجات؟ وما هي الدوافع والأسباب التي تقف خلف الرغبة بمشاركة الزوجة؟  وهل هناك علاج للزوج الديوث؟.

تاريخ تبادل ومشاركة الزوجة

يلجأ البعض إلى تصوير سلوك مشاركة الزوجة وتبادل الزوجات كسمة من سمات العصر الحديث أو أنها من السلوكيات الجنسية المنحرفة التي لم يعرفها الإنسان قبل التطور، لكن الأمر ليس كذلك.
إن جزءاً أساسياً من تطوّر الحياة الإنسانية هو تنظيم علاقة الزواج والحفاظ على معرفة النسب، ما يعني أن تطور الحياة الاجتماعية كان دائماً في مصلحة علاقة أكثر خصوصية ووضوحاً بين الأزواج، فيما يعود سلوك تبادل ومشاركة الزوجات إلى العصور الحجرية، بل أن تبادل الزوجات في العصور الغابرة كان تعدداً متفقاً عليه أكثر من مجرد نزوة كما هو الآن، بمعنى أن هناك اتفاق مبارك اجتماعياً على مشاركة رجلين لامرأة واحدة، وذلك لأسباب مختلفة منها زيادة عدد الذكور مقارنة بالإناث، أو حصر الميراث العائلي[1].
لن نخوض طويلاً في تاريخ تبادل ومشاركة الزوجات وتطور الدوافع والخيالات الجنسية؛ إنما قصدنا الإشارة إلى أن الرابط الوحيد بين انتشار تبادل ومشاركة الزوجات وبين تطور الحياة الحديثة هو التسهيلات على صعيد التواصل والسرية إلى جانب عدم الاكتراث الاجتماعي كسمة لمجتمعات المدن الكبيرة.

أنماط مشاركة وتبادل الأزواج

إن استعراض أنماط الفتيشيات الجنسية المتعلقة بتبادل ومشاركة الزوجات كفيل بكشف نصف الحقيقة حول الأسباب والدوافع الكامنة خلف الرغبة بمشاركة أو مبادلة الزوجة، وأبرز أنماط مشاركة ومبادلة الزوجات:
الديوث المراقب: في هذا النمط تكون رغبة الزوج مركزة على رؤية زوجته تمارس الجنس مع رجل آخر، دون أن يشارك هو، وتختلف الرغبات التي تقف خلف هذا النمط من مشاركة الزوجة كما نبين لاحقاً، وقد تتزامن رغبة الزوج في مشاهدة زوجته مع رجل آخر في السرير مع ميول مازوشية من خلال تعذيبه وإذلاله وتعميق شعوره بالإهانة.

الجدير بالذكر هنا أن الرغبة بالمشاركة الجنسية أكثر شيوعاً عند الرجال، لذلك نتحدث عن رغبة الزوج بمشاركة زوجته مع رجل آخر، لكن هذا لا يعني عدم وجود رغبات مماثلة لدى بعض الزوجات، إنما الحالة الشائعة أن يكون الرجل هو صاحب هذا الخيال الجنسي.

أسباب الرغبة بتبادل ومشاركة الزوجة

ما تزال أسباب التفضيلات والفيتشيات الجنسية مجهولة إلى حد بعيد، وتكاد تكون توقعات وتكهنات أكثر من كونها أسباباً قاطعة يمكن الاعتماد عليها في العلاج مثلاً، ذلك لغياب رابط الحتمية بين السبب والنتيجة، بمعنى أن ضعف الرجل الجنسي قد يكون سبباً لرغبته بمشاركة زوجته مع آخرين، لكن هذا ليس سبباً لازماً، ومشاركة الزوجة ليست نتيجة حتمية للضعف الجنسي، وهلمَّ جرَّ.
ويمكن القول أن لكل نمط من أنماط تبادل ومشاركة الزوجات أسبابه الخاصة المحتملة، ولكل رجل وامرأة يخوضون في المشاركة والتبادل أسباب ودوافع خاصة منها ما يعلمونه تمام العلم، ومنها ما يكون عميقاً دفيناً لا يدركه الأزواج أنفسهم ولا يمكن اكتشافه إلى من خلال التحليل النفسي، لنتعرف معاً إلى أبرز أسباب الرغبة بتبادل الزوجات أو مشاركة الزوجة[2].

  1. فنتازيا التلصص الجنسي: من أبرز وأهم الدوافع النفسية لمشاركة وتبادل الزوجات هي الرغبة بالتلصص Voyeurism أو مراقبة العملية الجنسية، هذه الرغبة المميزة لدى الشخص بمشاهدة الجنس ومراقبته دون المشاركة الفاعلة أو الممارسة الجنسية، هذا الاضطراب الجنسي مسؤول أيضاً عن حالات مراقبة حمامات النساء والتلصص على غرف تبديل الملابس وحتى مراقبة النساء غير الزوجة أثناء تبديل الملابس أو الاستحمام وغيرها من الممارسات الجنسية المنحرفة[3].
    وفي حالة مشاركة وتبادل الزوجات تكون النشوة الأساسية للزوج الديوث في مشاهدة ومراقبة زوجته مع رجل آخر في السرير، وبطبيعة الحال لا يمكن القول أن التلصص دافع منفرد لمشاركة وتبادل الزوجات، وإنما دافع مهم يتفاعل مع دوافع وتفضيلات جنسية أخرى.
  2. القلق حول القدرات الجنسية: سواء كان هذا القلق مبرراً نتيجة مشاكل صحية يعاني منها الزوج، أو كان قلقلاً وهمياً يتعلق بمتلازمة تشوه الجسد والنظرة السلبية تجاه القدرات الجنسية حيث يعتقد الزوج أنه غير قادر على إمتاع زوجته كما ينبغي؛ في الحالتين يعتبر القلق من القدرات الجنسية من الأسباب التي تدفع بعض الأزواج نحو خيال مشاركة الزوجة.
  3. الخوف المرضي من الخيانة: قد يبدو الأمر غريباً؛ لكن في بعض الحالات يكون تبادل الزوجات أو مشاركة الزوجة مع رجل آخر السبيل لمواجهة الخوف المرضي من الخيانة، حيث يشعر الزوج الديوث أنه يسيطر أكثر على علاقات زوجته الجنسية المحتملة برجال آخرين!.
  4. تنشيط العلاقة الجنسية: نتيجة المنافسة الجنسية بين الزوج والرجل الآخر تتنشط قدرة الزوج الجنسية، حيث أفاد الأزواج الذين مارسوا تبادل ومشاركة الزوجات عن نشاط في قدراتهم الجنسية بعد المشاركة، وقد يعود ذلك إلى منافسة الحيوانات المنوية ودافع الذكورة كما يقترح كريستوفر راين[4].
  5. التمرد على الممنوع: قد تصل الرغبة في التمرد على القواعد والانخراط في السلوكيات الممنوعة والمرفوضة إلى حد مشاركة الزوجة مع رجل آخر فقط إرضاء للرغبة بالتمرد وكسر التابو، بطبيعة الحال قد تترافق هذه الرغبة مع انحرافات جنسية أخرى، لكن في هذه الحالات تكون الرغبة في كسر المألوف هي الدافع الأساسي.
  6. ازدواجية الجنس: تعرف ازدواجية الجنس Bisexuality أنها وجود رغبة بممارسة العلاقة الجنسية مع الجنس المغاير والمماثل، حيث يرغب الزوج بممارسة العلاقة الجنسية مع شخص من نفس جنسه ومع زوجته في نفس الوقت، تلبية للميول الجنسية المزدوجة ولتفضيلات أخرى في نفس الوقت.
  7. المازوشية الجنسية ومشاركة الزوجة: في كثير من الحالات تكون الدياثة أو مشاركة الزوجة مظهر من مظاهر المازوشية الجنسية أو الرغبة في الإذلال الجنسي والعبودية الجنسية، حيث لا يكون الهدف هو التلصص أو المراقبة أو المشاركة، بل الهدف أن يرى زوجته تذله بعلاقة جنسية مع رجل آخر، وعادة ما تترافق هذه الحالة مع طقوس معينة تعزز حالة الذل اللذيذ بالنسبة للمازوشي.
  8. كره النساء وإذلال الزوجة: بعض الأفكار العميقة لدى الزوج مثل كل النساء عاهرات، النساء خلقن للجنس فقط ويجب ألا يفعلن شيء آخر…إلخ، وكرهه للنساء عموماً ولزوجته خصوصاً ورغبته بإذلالها؛ قد يدفعه نحو خيال مشاركة الزوجة.

لا نعتقد أنه من السهل وضع اليد على الأسباب القاطعة التي تقف خلف هذا التفضيل الجنسي الغريب، لكن يمكن القول أن دراسة الحالات الفردية لتبادل الزوجات من قبل مختص بالعلاج النفسي ستكون كفيلة بكشف الكثير من الأسباب والدوافع الجنسية الدفينة.

هل هناك علاج للزوج الديوث؟

بصراحة السؤال غريب بعض الشيء، في مجتمعاتنا العربية التي تتسم معظمها بالمحافظة والالتزام لا تبدو فكرة العلاج من الميول الجنسية الغريبة عموماً مطروحة أو مفضلة وخاصة الميول الأشد رفضاً من المجتمع على غرار تبادل ومشاركة الزوجات، إما أن تقبل الزوجة بميول وأفكار زوجها وإما أن ترفض، ولكل خيار من الخيارين تبعاته.
علمياً؛ فإن العلاج النفسي والسلوكي هو الخيار المتاح والأكثر فاعلية للزوج الديوث ولخيالات مشاركة وتبادل الزوجات، فاعلية هذا العلاج موضع نقاش لأنها ترتبط فعلياً بعوامل كثيرة ومتشعبة[5]، مثل العوامل الاجتماعية ومدى تقبل الشريك لرغبات شريكه الجنسية ومدى قدرة المعالج على فهم وتحليل شخصية الديوث والوصول إلى مفاتيح المشكلة، ويأتي العلاج الديني بنفس المرتبة تقريباً بالنسبة للأشخاص المؤمنين.
قلّما يلجأ شخص إلى طلب العلاج من فنتازيا مشاركة الزوجة أو تبادل الزوجات، وذلك بساطة لأن الفتيشية الجنسية والتفضيلات الجنسية تمثل المتعة الأقصى لصاحبها، ومن يرغب أن يتعالج من المتعة؟!، وعادة ما يكون طالب العلاج واقعاً تحت ضغط الشريك أو ضغط اجتماعي أو شعوره العميق بالذنب لأن سلوكه منبوذ اجتماعياً، وهذا ما يفسر انخفاض الاهتمام بعلاج الفتيشيات الجنسية والانحرافات في التفضيلات الجنسية في المجتمعات المتسامحة مع التفضيلات الجنسية المنحرفة أو غير المألوفة، بل حتى إنكار محاولات البحث عن علاج كما هو الحال مع المثلية الجنسية بعد الاعتراف بها كميل جنسي غير قابل للعلاج أو غريزي، راجع مقالنا "هل الشذوذ الجنسي مرض؟".

أخيراً… قد يبدو موضوع مشاركة وتبادل الزوجات في مجتمعاتنا بعيداً عن التصور وأكثر شذوذاً مما نتخيل؛ لكن الواقع أن الفرق يكمن في قدرة الأفراد على التعبير عن ميولهم وتفضيلاتهم الجنسية لشركائهم أو للآخرين، وعندما كانت مشاركة الزوجة عار مطلق اجتماعياً، وحرام ومن الكبائر في الشريعة، فإنه من الطبيعي أن يتم كبت أو تعتيم الرغبة بوجود رجل أخر في السرير، لكن هذا لا يعني انعدام وجود هذه الرغبة في مجتمع من المجتمعات.

Exit mobile version