هرم ماسلو لترتيب الاحتياجات وأهميته في التنمية الذاتية

في صراع فلسفي عميق حول حاجات الإنسان وتأثيرها على سلوكه ظهرت نظرية ماسلو لترتيب احتياجات الإنسان كواحدة من أكثر النظريات قبولاً وشيوعاً حتى يومنا هذا.
وعلى الرغم من شهرة تسلسل ماسلو للاحتياجات Maslow's Hierarchy of Needs فإنه ليس وحده من فكر بوضع تسلسل لاحتياجات الإنسان يتبع الأولويات، فقد  قام بذلك أيضاً لويس لافيل الذي أعاد صياغة مفهوم القيم الفلسفية التقليدية (الحق والخير والجمال) مقترباً أكثر من طبيعة الإنسان وعلاقته باحتياجاته من جهة والقيم السامية من جهة أخرى.
في هذه المادة؛ نتعرف معاً إلى فلسفة ماسلو حول احتياجات الإنسان، ونحاول أن نسقط الفكرة النظرية على حياتنا العملية لنتمكن من الاستفادة من هرم ماسلو.

ما هو تسلسل ماسلو للاحتياجات؟

هرم ماسلو أو تسلسل ماسلو هي نظرية وضعها عالم النفس الأمريكي أبرهام ماسلو (Abraham Maslow 1908-1970) بهدف فهم أفضل لطبيعة الدوافع الإنسانية وتراتبية أولويات الإنسان في تفاعله مع العالم والمجتمع من حوله.
من خلال فهمه لاحتياجات الإنسان قام ماسلو بترتيب هذه الاحتياجات في خمسة مستويات متتالية، أي أن الانتقال إلى الأعلى يحتاج تحقيق الأدنى أولاً، وهذه المستويات هي:

  1. الحاجات الفسيولوجية
  2. حاجات الأمان
  3. حاجات الحب والانتماء
  4. احتياجات التقدير والاحترام (تقدير الذات، الاحترام من قبل الآخرين)
  5. حاجات تحقيق الذات أو حاجات الذروة.

في الأصل ينطلق ماسلو بهذا الترتيب من نوعين من الحاجات التي تميز النفس البشرية؛ النوع الأول هو حاجات النقص Deficiency needs والنوع الثاني حاجات النمو أو الكينونة Growth or being needs، فالنوع الأول يشمل مجموعة من الحاجات الأساسية التي تنشأ من الحرمان وينتج عنها تحفيز للوفاء بها وتحقيقها، كالحاجة إلى الطعام والشراب، أما النوع الثاني فهي الحاجات التي يتجه إليها الإنسان لتحقيق ذاته بعد تحقيق حاجات النقص.

التدرج في هرم ماسلو

القصد من ترتيب الاحتياجات بهذا الشكل هو الوصول إلى فهم جيد للذات الإنسانية وتصنيف حاجاتها بالترتيب الذي يتيح الارتقاء، ومن المتفق عليه أن ماسلو كان يعني بهذا الترتيب أن الانتقال من حاجة إلى أخرى أو من مستوى إلى آخر يحتاج إشباع المستوى الأدنى، لكنه أكد أن هذا الإشباع لا يشترط أن يكون كاملاً، أي أن الإنسان يمكن أن يشبع حاجاته بشكل جزئي في مستويين أو أكثر سعياً إلى الارتقاء.

شرح هرم ماسلو

كيف يمكن الاستفادة من هرم ماسلو في الحياة العملية؟

قد يعتقد البعض أن هرم ماسلو مجرد نظرية في علم النفس لا مكان لها على أرض الواقع، خاصة مع الانتقادات الكثيرة والمحقة التي واجهت النظرية، ومنها أن حاجات الإنسان أكثر تبايناً وعشوائية من أن يتم تخطيطها بشكل دقيق، أو أن ماسلو لم يعتمد على حقائق علمية في وضع هذه النظرية.
وبعيداً عن هذه الانتقادات استطاع العاملون في مجال الإدارة الاستفادة من تسلسل ماسلو بشكل كبير، كما يستطيع الفرد على المستوى الشخصي  أن يستخدم هرم ماسلو في التخطيط لحياته.

هرم ماسلو في علم الإدارة

حتى يومنا هذا يتم تدريس نظرية ماسلو في الكثير من جامعات العالم كجزء مهم من فهم النفس البشرية، خاصة بالنسبة للعاملين في مجالات الإدارة والقيادة والتسويق.
فمن المهم أن يفهم المدير احتياجات العاملين تحت إدارته، حيث سيحتاج بهدف تحسين مستوى العمل في مؤسسته أن يحافظ على التوازن في المستويات الدنيا من هرم ماسلو ليتمكن الموظفون والعاملون من الانتقال إلى مرحلة الإنجاز والمنافسة وتحقيق الذات.
وقد تفكر الإدارة بطريقة مختلفة؛ حيث تسعى إلى حبس العاملين لديها ضمن المستويات الدنيا من تسلسل الاحتياجات لتحافظ عليهم وعلى ولائهم وطاعتهم، فكلما تقدم الإنسان نحو الاحتياجات العليا كلما أصبح أكثر استقلالاً وأصعب إرضاءً.

هرم ماسلو وتطوير الذات

على المستوى الفردي يقدم لنا هرم ماسلو هدية مميزة، فهو يخبرك ببساطة أن هناك أولويات لأهدافك يجب أن تأخذها بعين الاعتبار، وإدراك كل مرحلة من مراحل تطور الاحتياجات سيساعدك في التخطيط لمستقبلك بشكلٍ جيد.
المشكلة الكبرى التي يواجها تسلسل ماسلو في التعامل مع الأفراد هي التفضيلات الشخصية والفروقات الفردية، لذلك ننصحكم بالتركيز على الفقرة القادمة.

اصنع تسلسلاً خاصاً بك وسمِّه باسمك

تسلسل ماسلو في رأي البعض يبدو غير منطقي وغير مقنع، وبدلاً من الخوض في الانتقادات التي تم توجيهها لهرم ماسلو ولنظريته سنطلب منك أن تصنع هرمك الخاص وأن تسميه باسمك.
فلا بد أن إدراكك للأوليات سيجعل من النجاح أقرب، فكر هل ستضع الحب أولاً أم المال؟، العمل أولاً أم العائلة؟، احترامك لذاتك أم احترام الآخرين لك؟ …إلخ.
وتأكد دائماً أنك تمتلك أدوات قياس فعالية الخطط التي تضعها، لتتمكن من إدخال التعديلات بمرونة عندما تشعر أن هناك خطأ في تنظيم احتياجاتك وترتيب أولوياتك.

Exit mobile version