تم النشر اليوم 2024/07/07 | قصة المسيح قبل وبعد الميلاد

ولادة المسيح عيسى ابن مريم

لعل السرد لقصة النبي عيسى عليه السلام ينطوي على شقين والشقين في غاية الاهمية الشق الاول قبيل ولادته والشق الثاني بعد ولادته وحتى هناك شق ثالث هو ما بعد رفعه الى السماء حيث يبقى الى يوم البعث.والاحداث قبل ولادته هي بذات الاهمية بعد ولادته، حيث ان أمه التي حملت به لم يمسسها بشري، ونزل عليها الوحي وبشرها بالبشرى الكبرى بأنها ستحمل بنبي الله عيسى عليه السلام. لذلك الاحداث التي توالت قبيل الولادة ووقت الولادة تعتبر غاية في الاهمية اذا ان بولادته كان هناك معجزة بحد ذاتها ومعجزة يتم تصنيفها بأنها من اندر المعجزات بكل المقاييس حيث ان السيدة مريم العذراء حملت من غير ان يمسها بشري، وقد جاء جبريل عليه السلام وهي في المحراب وبشرها بأنها ستلد رسولا من رسل الله تعالى دون أب. وبهذه المعجزة ستقوم الدنيا وتقعد بين بني اسرائيل ما بين مصدق وغير مصدق.كان الوحي الذي نزل على مريم العذراء هو ان تزيد من خشوعها لله عز وجل وان تركع مع الراكعين وكانت في قرارة نفسها تعلم بان أمرا عظيما سيحدث .قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَاذكُر فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِهَا مَكَاناً شَرقِياً * فَاتخَذَت مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرسَلنَا إِلَيهَا رُوحَنَا فَتَمَثلَ لَهَا بَشَراً سَوِياً * قَالَت إِني أَعُوذُ بِالرحمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً * قَالَ إِنمَا أَنَا رَسُولُ رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً * قَالَت أنى يَكُونُ لِى غُلامٌ وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِياً * قَالَ كَذلِكَ قَالَ رَبكَ هُوَ عَلَى هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ وَرَحمَةً منا وَكَانَ أَمراً مقضِياًان ظهور جبريل عليه السلام في المحراب أمام مريم عليها السلام وقد ظهر على شكل بشري قد جعلها تشعر بالخوف والريبة من ظهوره وقالت: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّ. ورغم ظهوره على شكل بشري فان الخوف بث فيها عند رؤيته لاسيما وقد كانت وحيدة في ذلك المحراب فجاء الرد بهدوء يبعث الطمأنينة في النفس قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. غير ان رده الهادىء لم يطمئنها كم كانت نبرة الصوت حيث تمعنت فيما قاله جيدا بأنه سيهبها غلاما زكيا وكيف يعقل وهي مازالت من غير زواج وارتباط ولم يمسها بشري من قبل فردت باستغراب: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. فكان جوابه لسؤالها: كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا. وقد حملت مريم العذراء بطفلها واتخذت مكانا قصيا كي تلد مولودها بسلام، وكما ذكر في الكتاب الكريم: فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا. وضعت السيدة مريم حملها عند جذع نخلة،وبارك لها الله ذلك فرزقها الماء والطعام لتتمكن من ارضاع طفلها والاعتناء به. وكان خوفها كبيرا من ردة فعل القوم عند عودتها اليهم وهي تحمل طفلا بين يديها وزاد توترها بعدما وضعت الطفل المبارك فناداها طفلها وهو يقول كما ذكر في الكتاب الكريم: فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا*.

رفض اليهود للنبي المرسل عيسى ابن مريم

رفض اليهود تواجد النبي عيسى عليه السلام بينهم وتآمروا عليه وذلك خوفا من ان يتبعه الناس الذين بدأوا يرون الصدق في دعوته وقدرته التي منحه الله اياها بشفاء المرضى والمعجزات التي قام بها حيث جاء في القرآن الكريم قوله تعالي: ” وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبّهَ لَهُم وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً ” صدق الله العظيم.كان من معجزات عيسى عليه السلام انه يصنع من الطين كهيئة طير ويعالج الأكمه ليصبح بصيرا ويعالج الابرص ليتخلص من مرضه حيث يمسح على جسمه لزوال المرض حتى ان الله تعالى اعطاه القدرة على احياء الأموات وكل هذا بمشيئة الله عز وجلكانت رسالته الى بني اسرائيل واضحة كان يريد ان يكافح الظلم وان يبيح بعض ما حرمه التوارة على بني اسرائيل ولكن الكفر كان هو الصادر عنهم وليس الايمان وبقوله تعالى في كتابه الشريف: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ.كان من مناصري عيسى المسيح الحواريون فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ. إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ* قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ.وهكذا كانت معجزات عيسى عليه السلام حتى خاف منه اليهود والرهبان الذين تهمهم مصالحهم اكثر من اي شيء اخر وخاصة اتباع الناس له ولذلك امر الملك بملاحقة النبي عيسى لقتله والتخلص منه فرفعه الله الى السماء.

تداعيات ولادة المسيح

كانت العودة محال ولا بد منها وكان الخوف يستبد بالسيدة مريم كيف ستواجه الكم الهائل من الناس والقوم الذين سيبادرون لسؤالها سريعا من اين لك هذا؟ فبماذا ستجيب وماذا ستقول لهم وكيف ستشرح لهم ما حصل معها، لكن الله أمرها بالصوم وليس الكلام والاجابة عن كل الاسئلة اذ يقول الله عز وجل وقال ان سألوكي عنه فقولي اني نذرت للرحمن صوما ولن اكلم اليوم انسيا، وهكذا حصل عندما وجدوها عائدة وهي تحمل طفلا بين يديها فسارعوا لاتهامها باطلا وكذبا ولكنها أشارت الى طفلها فتعجب الكهنة والناس كيف يسألون طفلا وكيف سيجيبهم طفل ولد حديثا لا يفقه شيئا من الكلام والقول وقالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا؟ وما كان من الله عز وجل الا ان اكمل المعجزة بمعجزة اخرى حيث أنطق الطفل المسيح عيسى عليه السلام وهو في المهد وتكلم قائلاً، قال الله تعالى: ” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ” صدق الله العظيم.لم يكد عيسى الطفل المسيح ينتهي من كلامه حتى كانت وجوه الكهنة والأحبار مكفهرة ممتقعة وشاحبة. كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة، طفل يتكلم وهو في المهد صغيرا، طفل جاء بغير أب، طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا. هذا يعني إن سلطتهم في طريقها إلى الانهيار،فما كان منهم الا ان اتهموا مريم العذراء عليها السلام ببهتان عظيم.