توماس إديسون

توماس ألفا إديسون هو اسم لامع في عالم الاختراعات، ويُشار إليه كواحد من العقول البراقة التي غيرت مجرى التاريخ. لقد كان له دور بارز ومؤثر في تشكيل وجه العصر الحديث من خلال ابتكاراته المتعددة.

من بين ما قدمه للعالم، الضوء الكهربائي الذي أنار الظلام، والفونوغراف الذي أعطى الحياة صوتًا، بالإضافة إلى الكاميرا التي قدمت الصور المتحركة إلينا. كما لم يتوقف عند هذه الاختراعات فحسب، بل سعى لتطوير أجهزة مهمة كالتلغراف والهاتف، مما عزز الاتصالات وفتح آفاق جديدة للبشرية.

إديسون لم يتوقف عند كونه مخترعًا مبدعًا فقط، بل كان أيضًا رائدًا في عالم الأعمال ونجح في تسويق اختراعاته بذكاء، مما أدى إلى تأسيسه لشركات ناجحة وتكوين شبكة واسعة من العلاقات التجارية. خلال حياته، امتلك إديسون أكثر من 1093 براءة اختراع، وهو إنجاز يبين مدى إسهامه الخصب في ميدان الاختراع والابتكار.

لقد كانت حياته حافلة بالعمل والإنجازات، وبذلك أصبح إديسون نموذجًا يُحتذى به في الإصرار على التطوير والخلق، مما جعله شخصية لا تُنسى في تاريخ التقنية والابتكار.

ولادة توماس إديسون ونشأته

تحت ضياء الشمس في الحادي عشر من فبراير عام 1847، فتح توماس إديسون عينيه لأول مرة في ميلانو بأوهايو، كآخر فلذات أكباد عائلته، المولود السابع الذي كان مصيره أن يخط حروف تاريخه بنفسه. بعد بلوغه سبع سنوات، انتقل برفقة عائلته إلى بورت هورون وهناك أمضى أيام شبابه حتى بلغ السادسة عشر.

محاطًا بحضن أمه الذي كان مدرسة له، تعلم القراءة، الكتابة وأساسيات الحساب، لكن الفضول كان شغفه الأكبر، فلم يكن يكتفي بما تعلمه منها بل ظل يطارد المعرفة وحده بين ثنايا الكتب.

إديسون شاب كان يفيض بالأسئلة والاستفسارات، يائسًا لفهم العالم من حوله بعينين واسعتين تلمعان بالفضول، وكثيرًا ما يتهم بالشرود الذهني نظرًا لاستغراقه في التفكير.

لم يدم في المدرسة إلا ثلاثة أشهر فحسب، إذ كان سيل أسئلته يثير الإزعاج لدى معلميه، وذات يوم، وعند زيارة أحد المتفقدين للمدرسة، وصفه أحد معلميه بـ “الغباء” أمام الزائر، خوفًا من أن يضعه إديسون في موقف محرج بأسئلته. هذه الحادثة آلمت إديسون بشدة، فعاد للمنزل يغرق في دموعه، مخبرًا أمه بالواقعة.

أمه، القلب الذي لا يقهر، ثارت ثائرتها وتوجهت مباشرةً إلى المدرسة لتلقن ذلك المعلم درسًا في الإيمان بقدرات أبناءها. كانت تؤمن إيمانًا راسخًا بأن إديسون ليس فقط ذكيًا ولكنه يمتلك عقلاً مضيئًا يقدر على التحليل والاستنتاج.

عندما واجهت المعلم، واجهته بكل بساطة وصدق، لكنه بقي عنيدًا في موقفه. لم ترضخ أم إديسون لهذا، بل كان قرارها حازمًا بأن تكون هي من يقود رحلة تعلم إديسون منذ تلك اللحظة، وهكذا بدأت في تعليمه الأساسيات بنفسها، مسلحة بالإيمان والحب.

شهرة توماس أديسون

توماس أديسون، الذي اشتهر عالميًا في عام 1877 من خلال ابتكار جهاز يعمل بالأسطوانات الشمعية لتسجيل الصوت وإعادة إنتاجه، عُرف ذلك الجهاز باسم الفونوغراف.

بحلول سن الأربعين، انتقل أديسون إلى ولاية نيوجيرسي وهناك قام بابتكارات عدة منها الدكتافون، آلة نسخ، بطاريات خاصة، وتقنيات متقدمة لتصوير الأفلام، بالإضافة إلى اختراعات أخرى كثيرة. إسهاماته هذه جعلت منه شخصًا ثريًا جدًا بثروة وصلت إلى 4 مليون دولار. كما لعب دورًا في الحرب العالمية الأولى من خلال تطوير تقنيات دفاعية من ضمنها أجهزة مضادة للطائرات وقذائف موجهة للسفن الحربية.

يُعد توماس أديسون من المخترعين الرئيسيين الذين غيّروا مسار البشرية بابتكاراتهم التي استفدنا منها بشكل كبير. هذا ما جعله يُصنف ضمن أبرز أربعة مخترعين على مستوى العالم لمساهماتهم الفريدة والمؤثرة.

اختراعات توماس أديسون

توماس أديسون، الذي يُعدُّ واحدًا من أبرز المخترعين في التاريخ، قدّم للعالم اختراعات غيرت مجرى الحياة. من بين ابتكاراته العظيمة:

• يبرز الفونوغراف، وهو جهاز قادر على تسجيل الأصوات وإعادة تشغيلها، حيث كان يستخدم إبرة تتحرك بتأثير الصوت على طبقة من القصدير لينتج عن ذلك تسجيل صوتي، وقد سجل أديسون باستخدامه جملة “لدى ماري حمل صغير” كأول رسالة صوتية.
• بالنسبة للمصباح الكهربائي، رغم أن الفكرة لم تُبتكر من قبله بشكل أصيل، قام أديسون بتحسينات جذرية عليها. استطاع إيجاد طريقة لجعل الضوء يدوم لفترة أطول وبتكلفة أقل من خلال تطوير عازل داخلي واختيار الفتيل المثالي، مما جعله يحقق تقدمًا هائلًا في هذا المجال ويُسهم في نشر استخدام المصابيح الكهربائية على نطاق واسع.
• في مجال الصور المتحركة، استوحى أديسون فكرته من تجارب سابقة وطوّر جهازًا قادرًا على عرضها بواسطة فيلم مصنوع من قبل جورج إيستمان، مكّنه ذلك من إنتاج وعرض أفلام قصيرة في مسرح خاص.
• أما مسجل التصويت الكهربائي، فقد ابتكره أديسون في شبابه لتسهيل عملية التصويت في الانتخابات الأمريكية، حيث يُمكّن الناخبين من التعبير عن اختياراتهم ببساطة وسرعة، عبر تسجيل أصواتهم كهربائيًا.لقد ترك توماس أديسون بصمة لا تُنسى في عالم الاختراعات، تُظهر مدى تأثير أفكاره الابتكارية على تطور العديد من جوانب الحياة اليومية.

كيف أضاء أديسون العالم؟

يعتبر الكثيرون توماس إديسون المخترع الرئيسي للمصباح الكهربائي، إلا أن الحقيقة تشير إلى أن فكرة المصباح نفسه كانت معروفة قبل ظهور إديسون، حيث عمل العديد من العلماء على تطويرها. مع ذلك، ما يميز إديسون هو إسهامه الكبير في تحسين هذه التقنية.

قبل تدخل إديسون، كانت المصابيح الكهربائية تعاني من قصر عمرها الافتراضي، مما جعل من الضروري تطوير مصباح أكثر فعالية. في سعيه لهذا الهدف، استخدم إديسون في البداية موادًا مشابهة لتلك المستخدمة في الهواتف لصنع فتيلة كربونية، لكنه لاحقًا انتقل إلى استخدام خيوط الخيزران، التي تتميز بأليافها الطويلة والمتينة، مما يسمح بإضاءة مستمرة لفترة أطول.

بتطويره لهذه الفتيلة وإدخاله لنظام إزالة الهواء داخل الزجاج الحاوي للفتيلة، نجح إديسون في تمديد عمر المصباح ليصل إلى 1200 ساعة متواصلة، مما يعد ثورة في تقنية الإضاءة في ذلك الوقت.

وفاة توماس أديسون

تدهورت صحة العالِم إديسون بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة من حياته. بدأ يتخبط في قبضة الأمراض التي دفعته للابتعاد عن عمله المُحبب في المختبر وقضاء أوقات أكثر مع أسرته في منزلهم بغليمبونت. وفي عام 1931، واجه إديسون مرحلة صعبة من المرض أضنته كثيراً حتى انتهت رحلته في الحياة في الثامن عشر من أكتوبر من نفس العام.