الدواء النفسي

الأدوية النفسية، التي تُعرف أيضاً بالمؤثرات العقلية، تلعب دوراً حيوياً في تعديل الحالة النفسية من خلال التأثير المباشر على الجهاز العصبي وكيمياء الدماغ. هذه الأدوية، التي تُصنع غالباً من مركبات كيميائية اصطناعية، تُستخدم بشكل أساسي في معالجة الاضطرابات الذهنية المختلفة.

تتطلب هذه الأدوية وصفة طبية لاستخدامها بشكل قانوني وآمن. منذ الخمسينيات من القرن الماضي، أحدثت هذه الأدوية ثورة في مجال الطب النفسي، حيث ساهمت في تقصير مدة العلاجات بالمستشفيات وخفضت بشكل ملحوظ التكاليف المرتبطة بالرعاية الصحية النفسية.

بالرغم من هذه التحسينات، تظل نسب إعادة دخول المرضى النفسيين إلى المستشفيات مرتفعة في العديد من البلاد، ويجري بحث أسباب هذه الانتكاسات بشكل مستمر.

علامات تدل أن الدواء النفسي غير حياتي

• مراجعة استخدام الأدوية النفسية أحدثت تحولاً ملموساً في حياتي، فقد تلاشت العديد من الأعراض التي كانت ترافقني.
• تراجع ملحوظ في نوبات الغضب والبكاء، فبدلاً من الانفعالات الحادة والتصرفات المتهورة، أصبحت أتحكم في ردود فعلي، وأفكر بتأني قبل الإجابة أو اتخاذ أي قرار.
• زادت قدرتي على التعاطف والتفهم للآخرين. الأدوية ساعدتني على إعادة تقييم طريقة تفكيري تجاه المواقف والأشخاص، مما جعلني أستوعب الظروف التي يمر بها الآخرون بشكل أفضل.
• تحسنت جودة النوم بشكل كبير، وأصبحت أنام بانتظام ما أسهم في قدرتي على أداء المهام اليومية بكفاءة وفعالية أكبر.
• كما شهدت تحسناً في الوضوح العقلي؛ حيث زالت الضبابية التي كانت تكتنف أفكاري بسبب الاكتئاب، وأصبحت قادراً على التركيز والتفكير بوضوح أكبر.

أنواع العلاج النفسي

تختلف طرق العلاج النفسي في فاعليتها، حيث يتميز كل نوع بملائمته لحالات نفسية مختلفة. يأخذ الطبيب بعين الاعتبار الحالة الصحية وما تفضله ليحدد الطريقة المثلى للعلاج أو يجمع بين عدة طرق.

من أبرز الأساليب المؤثرة في مجال العلاج النفسي:

• العلاج السلوكي المعرفي، الذي يعزز قدرتك على التعرف على الأفكار والسلوكيات السلبية، ويعلمك كيفية التأقلم بشكل أكثر صحة.
• العلاج السلوكي الجدلي، يعد فرعًا من العلاج المعرفي السلوكي، يساهم في تعليمك الاستراتيجيات اللازمة لإدارة الضغوطات والتحكم في المشاعر، ويساعد أيضًا على تحسين علاقاتك الاجتماعية.
• علاج القبول والالتزام، يسهل عليك التعرف على أفكارك ومشاعرك وقبولها، ويشجعك على التزام تغييرات تُسهم في تحسين تكيفك مع التحديات.
• العلاج الديناميكي النفسي والتحليل النفسي، يركزان على تعميق الوعي بالأفكار والسلوكيات الخفية عن الوعي، وتساعدانك على فهم الدوافع الخاصة بك وعلاج الصراعات الداخلية.
• العلاج النفسي القائم على تحسين التواصل بين الأفراد، يعمل على معالجة المشكلات القائمة في علاقاتك بالآخرين ويرفع من قدراتك التواصلية مع العائلة والأصدقاء وزملاء العمل.
• العلاج النفسي الداعم، الذي يعزز من قدرتك على مواجهة الضغوط النفسية والتحديات بكفاءة.

اضرار مضادات الاكتئاب

تُستخدم مضادات الاكتئاب بشكل أساسي لمعالجة الاكتئاب بالإضافة إلى العديد من المشكلات النفسية الأخرى كالقلق، الأرق والآلام المختلفة. هذه الأدوية، في بعض الأحيان، قد تُستعمل لمكافحة اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، رغم عدم حصولها على ترخيص رسمي من منظمة الغذاء والدواء لهذا الغرض.

بعض أنواع مضادات الاكتئاب التي تُستخدم على نطاق واسع تشمل فلوكسيتين، بوبروبيون، وفينلافاكسين. تتضمن هذه الفئة من الأدوية عدة مجموعات تختلف في تركيباتها ويمكن أن تُظهر أعراضاً جانبية متباينة، ولكن هناك بعض الأعراض المشتركة التي قد تلمسها بينها، مثل الغثيان، الزيادة في الوزن، الإسهال، الشعور بالنعاس، ومشكلات الوظيفة الجنسية.

قد تُسبب هذه الأدوية أيضاً أعراضاً جانبية خطيرة تتطلب تدخل طبي فوري، خاصة إذا ظهرت بعد فترة قصيرة من البدء باستخدام الدواء. من بين هذه الأعراض ظهور أفكار انتحارية، محاولات للانتحار، تفاقم حالات الاكتئاب، الشعور بالقلق، الإصابة بنوبات هلع، تصرفات عصبية أو عدوانية، زيادة هائلة في مستويات النشاط البدني والكلامي، أو أي تغييرات مفاجئة أخرى في السلوك أو المزاج.

اضرار الادوية النفسية على الحوامل

تُشكّل الأدوية النفسية عامل خطر محتمل خلال فترة الحمل، ويُواجه الأطباء تحديات عند تقييم الحاجة لهذه الأدوية مقابل المخاطر التي قد تتعرض لها الأم والجنين. يكمن التحدي في أن البيانات التي تُبين تأثيرات هذه الأدوية أثناء الحمل محدودة بسبب نقص الدراسات المتخصصة في هذا المجال.

يُعد التوازن بين فوائد العلاج النفسي ومخاطره على الحمل من القرارات الحرجة التي يجب على الطبيب اتخاذها. العديد من الأطباء يأخذون في الاعتبار تأثير المرض النفسي غير المعالج الذي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة للأم والجنين.

عند النظر في استخدام الأدوية النفسية، يتم التفكير بعناية في عدة عوامل مثل نوع الدواء وتوقيت تناوله خلال الحمل، حيث تتطلب المتابعة الدقيقة للأم والجنين لملاحظة أي تأثيرات سلبية قد تظهر.

أبرز الأمثلة على المخاطر المحتملة هي استخدام مثبتات المزاج، التي قد تُسبب تشوهات في الجنين إذا تم تناولها خصوصاً في الثلث الأول من الحمل، مما يُنصح بتجنبها خلال هذه الفترة الحرجة. من جهة أخرى، أظهرت دراسات عديدة أن مضادات الذهان قد تُسبب أيضاً تشوهات خطيرة في الجنين، خصوصاً خلال المراحل الأولى من الحمل.

رغم أن مضادات الاكتئاب يمكن أن تعبر المشيمة، فإن تأثيراتها التشوهية قد تكون نادرة، ويُعتبر استخدام بعض فئاتها، مثل مجموعة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، آمنًا نسبياً خلال فترة الحمل.

أعراض التوقف المفاجئ عن تناول مضادات الاكتئاب

عند التوقف بشكل مفاجئ عن استخدام مضادات الاكتئاب، قد يواجه الشخص مجموعة من المشكلات الصحية التي تشمل الشعور بالقلق وصعوبات في النوم. كما يمكن أن يعاني من دوار وإرهاق بالإضافة إلى سهولة الانفعال.

غالبًا ما تظهر أعراض الاكتئاب من جديد إذا كان الانقطاع عن الدواء غير مراقب من قبل مختص. بالإضافة إلى ذلك، قد يتعرض الشخص لأعراض تشابه الإصابة بالإنفلونزا تتضمن الرعشة وألم في العضلات، مما يؤكد على أهمية الإشراف الطبي عند تغيير جرعات هذه الأدوية أو التوقف عنها.

هل يجب التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب؟

إذا كنت تفكر في التوقف عن استخدام أدوية مضادات الاكتئاب، من الضروري مناقشة هذا القرار مع الطبيب المعالج. الإيقاف المفاجئ لهذه الأدوية قد ينتج عنه آثار سلبية مثل أعراض تشبه الأنفلونزا والشعور بالدوار، لذا من المهم اتباع نصائح الطبيب في كيفية التخلي عن هذه الأدوية بشكل تدريجي.

الامتناع عن مواصلة تناول مضادات الاكتئاب دون استشارة الطبيب يمكن أن يؤدي إلى تجدد أعراض الاكتئاب، مما يؤدي إلى ما يُعرف بالانتكاسة. من جهة أخرى، الاستمرار في استخدام هذه الأدوية لمدة لا تقل عن ستة أشهر بعد بدء الشعور بتحسن يمكن أن يساهم في تقليل مخاطر العودة إلى الأعراض الاكتئابية.

ومن المهم التأكيد على أن تحديد الإجراءات المتبعة في التعامل مع الاكتئاب والأدوية المتعلقة به يقع تحت مسؤولية الطبيب المختص، الذي يقرر بناءً على الحالة الصحية لكل مريض. لذا، ينبغي دومًا الحصول على استشارة طبية قبل البدء بأي خطة علاجية أو تعديلها لضمان السلامة الصحية وتجنب أية مخاطر.

كيفية عمل مضادات الاكتئاب الحلقية

تساهم مضادات الاكتئاب الحلقية في تحسين المزاج ومحاربة الشعور بالاكتئاب من خلال التأثير المباشر على الناقلات العصبية، وهي مواد كيميائية يستخدمها الدماغ لنقل الإشارات بين الخلايا العصبية.

تعدل هذه الأدوية تركيب الكيمياء العصبية للدماغ وتعزز التواصل بين الشبكات العصبية التي تلعب دورًا هامًا في تنظيم الحالات المزاجية، مما يساعد في الحد من الأعراض النفسية للاكتئاب.

تقوم هذه المضادات بإعاقة عملية إعادة امتصاص السيروتونين والنوريبينيفرين في الدماغ، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات هذين الناقلين العصبيين . هذا التأثير يساعد على تحسين الصحة النفسية. ومع ذلك، قد تؤثر هذه المضادات أيضًا على نواقل كيميائية أخرى في الدماغ، الأمر الذي قد يسبب بعض الآثار الجانبية المتنوعة.

هل تسبب أدوية الاكتئاب القلق و التوتر أم ليست لها علاقة ؟

ذكر الأستاذ الدكتور عمرو حسن الحسني، المتخصص في علم الأعصاب، أن العقاقير المستخدمة في علاج الاكتئاب قد ترتبط بظهور أعراض مثل القلق والتوتر، بالإضافة إلى مواجهة صعوبات في النوم.

وأشار إلى أن هذه الأعراض قد تستمر لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، في حين أن مدة علاج الاكتئاب قد تمتد لشهور أو حتى سنوات في بعض الحالات. في هذه المواقف، يقوم الأطباء بوصف مهدئات للمساعدة في التحكم بالقلق والتوتر الناتج عن العلاج الدوائي للاكتئاب.