تم النشر اليوم 2024/06/01 | 5 من أهم أسباب الاحتلال الفرنسي للجزائر

أسباب الاحتلال الفرنسي للجزائر

الجزائر وهي الدولة العربية الإسلامية في الشمال الإفريقي المطلة على ساحل البحر المتوسط، تعرفت منذ عام 1830م إلى غزو فرنسي واحتلال لهذه الأراضي استمر سنوات طويلة للغاية، حتى نالت استقلالها في القرن العشرين وتحديد في ستينات هذا القرن، في هذا المقال نأخذكم في جولة تاريخية حيث نلقي الضوء حول أسباب الاحتلال الفرنسي للجزائر وما هي أحداث الاحتلال وكيف عانى الجزائريون من هذا الاحتلال لفترة تزيد عن القرن.

فرنسا في مواجهة حقيقة مع ولاية الجزائر العثمانية

كانت الحكومة الفرنسية قبيل الغزو والاحتلال للجزائر تعاني من مشاكل داخلية واقتصادية كبيرة، ربما كانت تلك البداية في التفكير الجدي لإحتلال أراضي خارج فرنسا لصرف الأبصار عن هذه المشكلات، إلا أن أسباب عديدة أخرى ارتبط بفرنسا قبل اتخاذ قرار الحرب ضد ولاية الجزائر العثمانية التي كانت تخضع للدولة العثمانية وتحت سيادتها.
لذلك انتهزت فرنسا العديد من الحوادث الهامة حول الجزائر التي كانت تعاني من الضعف مثلها مثل الولايات العثمانية الأخرى خلال القرن التاسع عشر، لذلك فغن فرنسا ارتكبت العديد من الحوادث للاحتكاك بالحكومة الجزائرية بقيادة الداي الجزائري وهو الحاكم الجزائري العثماني للولاية.
وبالتالي وبعد هذه الحوادث وجدت فرنسا نفسها متخذة القرار بضرورة احتلال الجزائر.

5 من أهم أسباب احتلال فرنسا للجزائر

أي حدث في التاريخ لا يأتي بين يومِ وليلة، بل له أسباب وإرهاصات ومقدمات ونتائج، وبالتالي فهذا ينطبق على حدث احتلال الجزائر من قبل القوات الفرنسية، فإن أسباباً هامة بيّتت بليل من أجل هذه الفرصة السانحة التي اتخذتها فرنسا، وهذه الأسباب تتمثل في:
أسباب دينية .. حرب بها روح صليبية جديدة
هل سمعت قبل عن الحرب الصليبية، غنها كانت بين أوروبا والشرق الإسلامي خلال قرنين من من قرون العصور الوسطى وكانت حرباً سجال بين الطرفين انتهت باحتلال بيت المقدس وأجزاء من الشام ثم تحريرهما على يد صلاح الدين الأيوبي وخلفائه من سلاطين المسلمين، وانتهت هذه الحرب في هذه القرون الغابرة.

ولكن يبدو أن الأوروبيين لم ينسوا قط هذا الثأر، بل إن فرنسا خلال القرن التاسع عشر تبنت نظريات صليبية ومباركة لأي غزو كانت تقوم به ومن ضمن هذا الغزو الفرنسي للجزائر، وهذا موّثق في التاريخ حيث كانت كلمة رئيس الوزراء الفرنسي دي بولينياك الذي أكد ان هذا الغزو بمباركة الكنيسة الفرنسية والعالم المسيحي المتحضر حيث قال نصاً: إن كان للصراع الذي أوشك أن يبدأ نتيجة هامة فهي التي ينبغي أن تسجل لصالح المسيحية.
أسباب سياسية .. عندما تتزاحم عليك مشاكلك الداخلية ابدأ في غزو خارجي جديد
يبدو أن هذا ما حدث، لقد كانت فرنسا تعاني طوال سنوات ما قبل الغز من مشاكل داخلية بين الحكومة الملكية التي لا تحظى بتأييد الشعب الفرنسي وما بين المعارضة التي لم تكن تتوانى لحظة في كشف فساد العائلة المالكة والحكم الملكي، خاصة أن هذا الحكم كان مكروهاً بعدما استولى على الحكم بعد إنهيار إمبراطورية نابليون بونابرت، لذلك حاولت الحكومة الملكية ظرف الأنظار عن هذه الأزمة السياسية بالبدء في غزو جديد يقوم به الجيش الفرنسي من أجل التفاف الفرنسيين حول جيشهم.
أسباب اقتصادية .. موارد اقتصادية لا تنضب أبداً
لم يخلو الأمر أبداً من اسباب اقتصادية نظراً لغنى موارد الجزائر، التي رأت الحكومة الفرنسية الفرصة في استغلالها وبالتالي يصب ذلك في صالح الخزانة الفرنسية، فقد كانت الجزائر مورداً للعديد من الموارد الاقتصادية، وقد مهدت فرنسا لنفسها السيطرة والاحتكار على السوق الجزائرية وخبرت ما فيها من غنى وثروة لا حد لها، لذلك كان التخطيط على أساس السيطرة الاقتصادية لفرنسا في الجزائر أولاً ثم الغزو العسكري، وهذا ما حدث في العديد من الحوادث التاريخية للمنطقة وليس في الجزائر فقط.
أسباب استراتيجية .. موقع الجزائر بالنسبة لفرنسا كان بوابة لأفريقيا
خططت فرنسا جيداً قبل سنوات طويلة للغزو على أساس استراتيجي وهي أن الجزائر موقعها استراتيجي بالنسبة لفرنسا، فهي بوابتها لاحتلال الغرب الأفريقي، حيث كانت من أولى الدول الأفريقية التي عانت من الاحتلال الفرنسي، وتبع الاحتلال هذا العديد من الغزوات الأخرى في نطاق الصحراء الكبرى لدول ما وراء الصحراء التي تم السيطرة عليها في سنوات تالية من غزو الجزائر.

أسباب عسكرية.. ملأ الفراغ العسكري في الشمال الأفريقي
من ضمن الأسباب الهامة التي يذكرها المؤرخون في هذا الصدد، هو ان الجزائر كانت قوة ضاربة في العمليات العسكرية البحرية نظراً للأسطول الذي كان قوياً لعدة قرون والذي كان مستمداً من القوة البحرية العثمانية، ولكن خسرت الجزائر هذه القوة الضاربة في بدايات القرن التاسع عشر وما ورائها من سنوات خاصة بعد معركة نافارين وبالتالي وجدت فرنسا الفرصة لملء هذا الجانب العسكري من أجل إبدال القوة الجزائرية العثمانية بالقوة البحرية الفرنسية بدلاً منها.
هذه كانت الأسباب، أما حوادث الغزو فقد كانت قاسية للغاية، فقد ارتكب الجيش الفرنسي مجازر عدة أثناء الاحتلال وما تلاه من سنوات، وهذا ما أزكى نار المقاومة الجزائرية للعديد من السنوات عبر الثورات المسلحة حتى نالت أخيراً الجزائر حريتها في عام 1962م، بعد ثورة مسلحة هي الأكبر في التاريخ الحديث حيث استشهد من أبناء الجزائر مليون شخص خلال سنوات التحرير حتى نالت حريتها أخيراً.
لقد كان الاحتلال الفرنسي للجزائر قاسياً، وقد تعرضنا في هذا المقال بمناقشة الاسباب الحقيقية للاحتلال، وهذه الأسباب كانت متنوعة ما بين الدينية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية.

مقدمات الغزو الفرنسي للجزائر

يمكن القول أن هذه المقدمات ما كانت إلا حججاً من أجل اتخاذ خطوة الغزو والاحتلال، وربما تسمى في التاريخ بالأسباب غير المباشرة، إلا أننا نسميها بمقدمات الغزو، لأن الأسباب الحقيقية كانت منذ زمن طويل وكانت فرنسا تخطط في سنوات ما قبل 1830م لاحتلال الجزائر أو بمعنى آخر لم يكن الاحتلال اتخذ قرار الحرب والغزو بين يومِ وليلة.
أما عن المقدمات فهي انتهاز فرصة قيام الداي الجزائري بهدم حصون المؤسسات الفرنسية في الساحل الشرقي الجزائري والتي كانت مخصصة لصيد المرجان من البحر، وذلك لأن الداي كان يرغب في إنهاء عمليات الاحتكار لصيد المرجان والتي كانت تقوم بها الشركات الفرنسية العاملة في الساحل الجزائري، وإعطاء الداي الحق لجميع الدول التي لها شركات في الجزائر للعمل بحرية في البحر من أجل صيد المرجان بما فيها الشركات الجزائرية.
بالطبع كان رد الفعل الفرنسي عنيف خاصة بعد توالي الأحداث بعدما قامت قطع من أسطول الجزائري يحجز باخرة فرنسية تعمل بصيد المرجان بأمر من الداي نفسه، وبعد احتجاج فرنسا على هذا الأمر أمر الداي أسطوله بتفتيش كل السفن الفرنسية من أجل معرفة إذا كانت تعمل في صيد المرجان أم لا، واعتبرت الحكومة الفرنسية هذا إعلاناً للحرب عليها بسبب خرق هدنة 1826م التي كانت تقضي بعمل هدنة مع حكومة الجزائر.
كانت تلك فرصة ذهبية انتهزتها فرنسا وأعلنت الحرب على ولاية الجزائر العثمانية تمهيداً لدخول جيوشها إلى الأراضي الجزائرية.
إلا أنه مع هذه الحجج والمقدمات فإن هناك العديد من الأسباب وراء هذا الاحتلال الفرنسي، وهذا ما نناقشه بعد قليل.